قوله: فإن قال قائل إن العطف يدل على تساوي المعطوف والمعطوف عليه في الحكم فنحن لا نقول به هنا في هذا الموضع لأن النحاة قد فصلوا ذلك وبينوا أن حروف العطف هي عشرة.
ثم نقل بعده أبياتا من الملحة وكلاما من شرح بحرق عليها ولا حاجة إلى ذكره هنا.
ولكني أقول: أن النحاة وإن فصلوا حروف العطف فقد جعلوا الواو للتشريك في الحكم والإعراب بين المتعاطفين وما كان بمعناها فهو مثلها و(أو) هنا بمعنى الواو كما لا يخفى فهي للتشريك بين الميتة والدم في الحكم والإعراب وإنما قلنا أن أو بمعنى الواو لأن حقيقتها لأحد الشيئين ولا محل لحقيقتها هنا فإن خرجت عن تلك الحقيقة بأن تعذرت فيها مثلا استعملت تارة بمعنى الواو كما هنا وأخرى بمعنى بل ولا تكون لغير ذلك في العطف صرح بذلك الأصوليون منهم صاحب المرقاه في مرقاته ومرآته، ومن النحاة محققهم ابن هشام في مغنيه وذكر هنالك أنها وإن دلت على غير ما ذكر كالتنويع وغيره من المعاني العشرة التي قدمها فيها فدلالتها عليها بحسب القرائن لا بوضعها ثم تعجب هنالك من النحاة كيف قالوا أن (أو) يكون تارة للإباحة وقالوا في فعل الأمر إذا قرن بها أنه للإباحة أيضا فهذا ما عليه المحققون من النحاة وغيرهم فافهمه.
وأعجب مما أورده هنا أنه لم يسلم أولا بنجاسة الميتة ثم قام هنا ينقض على من قال أن حكم المعطوف هنا حكم المعطوف عليه فلو ثبت على أصله الفاسد ورأيه الكاسد لكان أقوم في طريق المحاورة عند العارفين بالمناظرة.
قوله: وأقول (أو) هنا في هذه الآية معناها التنويع فإنها جعلت الأشياء المذكورة أنواعا ثلاثة وهي الميتة والدم ولحم الخنزير فصح أن هذه الأشياء الثلاثة أنوع وعطفها ب(أو) ليس يدل على المشاركة بين هذه الأنواع في زيادة الحكم الواقع بعد القيد والضمير المفرد.
مخ ۲۷