المطلب الثامن عشر في شرائط التكليف ذهبت الإمامية إلى أن شرائط التكليف ستة الأول وجود المكلف لامتناع تكليف المعدوم فإن الضرورة قاضية بقبح أمر الجماد وهو إلى الإنسان أقرب من المعدوم وقبح أمر الرجل عبيدا يريد أن يشتريهم وهو في منزله وحده ويقول يا سالم قم ويا غانم كل يعده كل عاقل سفيها وهو إلى الإنسان الموجود أقرب. وخالفت الأشاعرة في ذلك فجوزوا تكليف المعدوم ومخاطبته نهج الحق ص : 135و الإخبار عنه فيقول الله تعالى في الأزل يا أيها الناس اعبدوا ربكم ولا شخص هناك ويقول إنا أرسلنا نوحا ولا نوح هناك وهذه مكابرة فيالضرورة. الثاني كون المكلف عاقلا فلا يصح تكليف الرضيع ولا المجنون المطلق. وخالفت الأشاعرة في ذلك وجوزوا تكليف هؤلاء. فلينظر العاقل هل يحكم عقله بأن يؤاخذ المولود حال ولادته بالصلاة وتركها وترك الصوم والحج والزكاة وهل يصح مؤاخذة المجنون المطبق على ذلك. الثالث فهم المكلف فلا يصح تكليف من لا يفهم الخطاب قبل فهمه. وخالفت الأشاعرة في ذلك فلزمهم التكليف بالمهمل وإلزام المكلف معرفته ومعرفة المراد منه مع أنه لم يوضع لشي ء البتة ولا يراد منه شي ء أصلا فهل يجوز للعاقل أن يرضى لنفسه المصير إلى هذه الأقاو. الرابع إمكان الفعل إلى المكلف فلا يصح التكليف بالمحال. وخالفت الأشاعرة فيه فجوزوا تكليف الزمن الطيران إلى السماء نهج الحق ص : 136و تكليف العاجز خلق مثل الله تعالى وضده وشريكه وولد له وأن يعاقبه على ذلك وتكليفه الصعود إلى السطح العالي بأن يضع رجلا ي الأرض ورجلا على السطح. وكفى من ذهب إلى هذا نقصا في عقله وقلة في دينه وجرما عند الله تعالى حيث نسبه إلى إيجاد ذلك بل مذهبهم أنه تعالى لم يكلف أحدا إلا بما لا يطاق أو ترى ما يكون جواب هذا القائل إذا وقف بين يدي الله تعالى وسأله كيف ذهبت إلى هذا القول وكذبت القرآن العزيز وأن فيه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. الخامس أن يكون الفعل ما يستحق به الثواب وإلا لزم العبث والظلم على الله تعالى. وخالفت الأشاعرة فيه فلم يجعلوا الثواب مستحقا على شي ء من الأفعال بل جوزوا التكليف بما يستحق عليه اعقاب وأن يرسل رسولا يكلف الخلق فعل جميع القبائح وترك جميع الطاعات. فلزمهم من هذا أن يكون المطيع المبالغ في الطاعة من أسفلة الناس وأجهل الجهلاء من حيث يتعب بماله وبدنه في فعله دون أن ينال شيئا وربما يكون هلاكه فيه وأن يكون المبالغ في المعصية والفسوق أعقل العقلاء حيث يتعجل اللذة وربما يكون تركها سبب الهلاك وفعلها سبب النجاة فكان وضع المدارس والربط والمساجد من نقص التدبيرات البشرية حيث تخسير الأموال فيما لا نفع فيه ولا فائدة عاجلة ولا آجلة. السادس أن لا يكون حراما لامتناع كون الشي ء الواحد من الجة الواحدة مأمورا به منهيا عنه لاستحالة التكليف بما لا يطاق وأيضا نهج الحق ص : 137يكون مرادا ومكروها في وقت واحد من جهة واحدة وهذا مستحيل عقلا. وخالفت الأشاعرة في ذلك فجوزوا أن يكون الشي ء الواحد مأمورا به ومنهيا عنه لإمكان تكليف ما لا يطاق عندهم. وأعجب العجائب أنهم حرموا الصلاة في الدار المغصوبة ومع ذلك لم يوجبوا القضاء وقالوا إنها صحيحة مع أن الصحيح ما هو المعتبر عند الشارع وإنما يطلق على المطلوب شرعا والحرام غير معتبر في نظر الشارع مطلوب الترك شرعا وهل هذا إلا محض التناقض
مخ ۸۴