المطلب التاسع عشر في الأعواض ذهبت الإمامية إلى أن الألم الذي يفعله الله تعالى بالعبد إما أن يكون على وجه الانتقام والعقوبة وهو المستحق لقوله تعالى ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين وقوله تعالى أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون ولا عوض فيه فإما أن يكون على وجه الابتداء وإنما يحسن فعله من الله تعالى بشرطين أحدهما أن يشتمل على مصلحة ما للمتألم أو لغيره وهو نوع من اللطف لأنه لو لا ذلك لكان عبثا والله تعالى منزه عنه والثاني أن يكون في مقابلته عوض للمتألم يزيد على الألم وإلا لزم الظلم والجور من الله سبحانه على عبيده لأن إيلام نهج الحق ص : 138الحيوان وتعذيبه على غير ذنب ولا لفائدة تصل إليه ظلم وجور وهو على الله تعالىمحال. وخالفت الأشاعرة في ذلك فجوزوا أن يؤلم الله عبده بأنواع الألم من غير جرم ولا ذنب ولا لغرض وغاية ولا يوصل إليه العوض ويعذب الأطفال والأنبياء والأولياء من غير فائدة ولا يعوضهم على ذلك بشي ء البتة. مع أن العلم الضروري حاصل لنا بأن من فعل من البر مثل هذا عده العقلاء ظالما جائرا سفيها فكيف يجوز للإنسان نسبة الله تعالى إلى مثل هذه النقائص ولا يخشى ربه وكيف لا يخجل منه غدا يوم القيامة إذا سألته الملائكة يوم الحساب هل كنت تعذب أحدا من غير استحقاق ولا تعوضه عن ألمه عوضا يرضى به فيقول كلا ما كنت أفعل ذلك فيقال له وكيف نسبت ربك عز وجل إلى هذا الفعل الذي لا ترضاه لنفسك
مخ ۸۵