المطلب السابع عشر في التكليف لا خلاف بين المسلمين في أن الله تعالى كلف عباده فعل الطاعات واجتناب المعاصي وأن التكليف سابق على الفعل. وقالت الأشاعرة هاهنا مذهبا غريبا عجيبا وهو أن التكليف بالفعل حالة الفعل لا قبله وهذا يلزم منه محالات الأول أن يكون التكليف بغير المقدور لأن الفعل حال وقوعه يكون واجبا والواجب غير مقدور. الثاني يلزم أن لا يكون أحد عاصيا البتة لأن العصيان مخالفة الأمر فإذا لم يكن الأمر ثابتا إلا حالة الفعل وحال العصيان هو حال عدم الفعل فلا يكون مكلفا حينئذ وإلا لزم تقدم التكليف على الفعل وهو خلاف مذهبهم لكن العصيان ثابت بالإجماع ونص القرآن قال الله تعالى أفعصيت أمري ولا أعصي لك أمرا آلآن وقد عصيت قبل. ويلزم انتفاء الفسق الذي هو الخروج من الطاعة أيضا. فلينظر العاقل لنفسه هل يجوز لأحد تقليد هؤلاء الذين طعنوا في الضروريات فإن كل عاقل يعلم بالضرورة من دين محمد نهج الحق ص : 134ص أن الكافر عاص وكذا الفاسق يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم فأي سداد في هذا القول المخالف لنصوص القرآن. الثال لو كان التكليف حالة الفعل خاصة لا قبله لزم أما تحصيل الحاصل أو مخالفة التقدير. والتالي باطل بقسميه بالضرورة فالمقدم مثله. بيان الشرطية أن التكليف إما أن يكون بالفعل الثابت حالة التكليف أو بغيره والأول يستلزم تحصيل الحاصل. والثاني يستلزم تقدم التكليف على الفعل وهو خلاف الفرض وأيضا هو المطلوب وأيضا يستلزم التكرار
مخ ۸۲