ونقول في الثاني إن ما علمه الله تعالى إن وجب ولزم بسبب هذا الوجوب خروج القادر منا عن قدرته وإدخاله في الموجب لزم في حق الله تعالى ذلك بعينه وإن لم يقتض سقط الاستدلال. فقد ظهر من هذا أن هذين الدليلين آتيان في حق الله تعالى وهما إن صحا نهج الحق ص : 125لزم خروج الواجب ع كونه قادرا ويكون موجبا وهذا هو الكفر الصريح إذ الفارق بين الإسلام والفلسفة هو هذه المسألة. والحاصل إن هؤلاء إن اعترفوا بصحة هذين الدليلين لزمهم الكفر وإن اعترفوا ببطلانهما سقط احتجاجهم بهما. فلينظر العاقل من نفسه هل يجوز له أن يقلد من يستدل بدليل يعتقد صحته ويحتج به غدا يوم القيامة وهو يوجب الكفر والإلحاد. وأي عذر لهم عن ذلك وعن الكفر والإلحاد فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا هذه حجتهم تنطق بصريح الكفر على ما ترى وتلك الأقاويل التي لهم قد عرفت أنه يلزم منها نسبة الله سبحانه إلى كل خسيسة ورذيلة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وليحذر المقلدون وينظروا كيف هؤلاء القوم الذين يقلدونهم فإن استحسنوا لأنفسهم بعد البيان والإيضاح اتباعهم كفاهم بذلك ضلالا وإن راجعوا عقولهم وتركوا اتباع الأهواء عرفوا الحق بعين الإنصاف وفقهم الله لإصابة الثواب
مخ ۷۵