وفي الثاني من وجهين الأول العلم بالوقوع تبع الوقوع فلا يؤثر فيه فإن التابع إنما يتبع متبوعه ويتأخر عنه بالذات والمؤثر متقدم.
الثاني
أن الوجوب اللاحق لا يؤثر في الإمكان الذاتي ويحصل الوجوب باعتبار فرض وقوع الممكن فإن كل ممكن على الإطلاق إذا نهج الحق ص : 124فرض موجودا فإنه حالة وجوده يمتنع عدمه لامتناع اجتماع النقيضين وإذا كان ممتنع العدم كان واجبا مع أنه ممكن بالنظر إلى ذاته. والعلمحكاية عن المعلوم ومطابق له إذ لا بد في العلم من المطابقة فالعلم والمعلوم متطابقان والأصل في هيئة التطابق هو المعلوم فإنه لولاه لم يكن علما به ولا فرق بين فرض الشي ء وفرض ما يطابقه بما هو حكاية عنه وفرض العلم هو بعينه فرض المعلوم وقد عرفت أن مع فرض لمعلوم يجب فكذا مع فرض العلم به وكما أن ذلك الوجوب لا يؤثر في الإمكان الذاتي كذا هو الوجوب ولا يلزم من تعلق علم الله تعالى به وجوبه بالنسبة إلى ذاته بل بالنسبة إلى العلم.
وأما المعارضة في الوجهين فإنهما آتيان في حق واجب الوجود تعالى. فإنا نقول في الأول
لو كان الله تعالى قادرا مختارا فإما أن يتمكن من الترك أو لا فإن لم يتمكن من الترك كان موجبا مجبورا على الفعل لا قادرا مختارا وإن تمكن فإما أن يترجح أحد الطرفين على الآخر أو لا فإن لم يترجح لزم وجود الممكن المتساوي من غير مرجح فإن كان محالا في حق العبد كان محالا في حق الله تعالى لعدم الفرق وإن ترجح فإن انتهى إلى الوجوب لزم الجبر وإلا تسلسل أو وقع المتساوي من غير مرجح فكل ما تقولونه هاهنا نقوله نحن في حق العبد.
مخ ۷۴