الرابع الضرورة قاضية بقبح العبث كمن يستأجر أجيرا ليرمي من ماء الفرات في دجلة ويبيع متاعا أعطي في بلده عشرة دراهم وفي بلد يحمله إليه بمشقة عظيمة ويعلم أن سعره كسعر بلده بعشرة دراهم أيضا وقبح تكليف ما لا يطاق كتكليف الزمن الطيران إلى السماء وتعذيبه دائما على ترك هذا الفعل وقبح من يذم العالم الزاهد على علمه وزهده وحسن مدحه وقبح مدح الجاهل الفاسق على جهله وفسقه وحسن ذمه عليهما ومن كابر في ذلك فقد أنكر أجلى الضروريات لأن هذا الحكم حاصل للأطفال والضروريات قد لا تحصل لهم.
نهج الحق ص : 84الخامس لو كان الحسن والقبح باعتبار السمع لا غير لما قبح من الله شي ء ولو كان كذلك لما قبح منه تعالى إظهار المعجزة على يد الكذابين. وتجويز ذلك يسد باب معرفة النبوة فإن أي نبي أظهر المعجزة عقيب ادعاء النبوة لا يمكن تصديقه مع تجويز إظهار المعجزة على يد الكاذب فيدعوى النبوة.
السادس
لو كان الحسن والقبح شرعيين لحسن من الله تعالى أن يأمر بالكفر وتكذيب الأنبياء وتعظيم الأصنام والمواظبة على الزناء والسرقة والنهي عن العبادة والصدق لأنها غير قبيحة في أنفسها فإذا أمر الله تعالى بها صارت حسنة إذ لا فرق بينهما وبين الأمر بالطاعة فإن شكر المنعم ورد الوديعة والصدق ليست حسنة في أنفسها ولو نهى الله تعالى عنها كانت قبيحة لكن لما اتفق أن الله تعالى أمر بهذه مجانا لغير غرض ولا حكمة صارت حسنة واتفق أنه نهى عن تلك فصارت قبيحة وقبل الأمر والنهي لا فرق بينهما ومن أداه عقله إلى تقليد من يعتقد ذلك أنه أجهل الجهال وأحمق الحمقى إذ علم أن معتقد رئيسه ذلك ومن لم يعلم ووقف عليه ثم استمر على تقليده فكذلك فلهذا وجب علينا كشف معتقدهم لئلا يضل غيرهم ولا تستوعب البلية جميع الناس.
مخ ۳۹