الأول أنه ليس زائدا على الذات وذهب الأشاعرة إلى أن الباقي إنما يبقى ببقاء زائد على ذاته وهو نهج الحق ص : 66عرض قائم بالباقي وأن الله تعالى باق ببقاء قائم بذاته تعالى. ولزمهم من ذلك المحال الذي تجزم الضرورة ببطلانه من وجوه الأول أن البقاء إن عني به الاستمرار لزم اتصاف العدم بالصفة لثبوتية وهو محال بالضرورة بيان الملازمة أن الاستمرار كما يتحقق في جانب الوجود كذا يتحقق في جانب العدم لإمكان تقسيم المستمر إليهما ومورد التقسيم مشترك ولأن معنى الاستمرار كون الأمر في أحد الزمانين كما كان في الزمان الآخر وإن عني به صفة زائدة على الاستمرار فإن احتاج كل منهما إلى صاحبه دار وإن لم يحتج أحدهما إلى الآخر أمكن تحقق كل منهما بدون صاحبه فيوجد بقاء من غير استمرار وبالعكس وهو باطل بالضرورة وإن احتاج أحدهما إلى صاحبه انفك الآخر عنه وهو ضروري البطلان. الثاني أن وجود الجوهر في الزمان الثاني لو احتاج إلى البقاء لزم الدور لأن البقاء عرض يحتاج في وجوده إلى الجوهر فإن احتاج إلى وجود هذا الجوهر الذي فرض باقيا كان كل من البقاء ووجود الجوهر محتاجا إلى صاحبه وهو عين الدور المحال وإن احتاج إلى وجود جوهر غيره لزم قيام الصفة بغير الموصوف وهو غير معقول. أجابوا بمنع احتياج البقاء إلى الجوهر فجاز أن يقوم بذاته لا في محل ويقتضي وجود الجوهر في الزمان الثاني وهو خطأ لأنه يقتضي قيام البقاء بذاته فيكون جوهرا مجردا والبقاء لا يعقل إلا عرضا قائما بغيره. وأيضا يلزم أن يكون هو بالذاتية أولى من الذات وتكون الذات بالوصفية أولى منه لأنه مجرد مستغن عن الذات والذات محتاجة إليه والمحتاج أولى بالوصفية من المستغني والمستغني أولى بالذاتية من المحتاج. نهج الحق ص : 67و لأنه يقتضي بقاء جميع الأشياء لعدم اختصاصه بذات دون أخرى حينئذ. الثالث أن وجود الجوهر في الزمان الثانيهو وجوده في الزمان الأول ولما كان وجوده في الزمان الأول غنيا عن هذا البقاء كان وجوده في الزمان الثاني كذلك لامتناع كون بعض أفراد الطبيعة محتاجا لذاته إلى شي ء وبعض أفرادها مستغنيا عنه المطلب الثاني في أن الله تعالى باق لذاته
الحق ذلك لأنه لو احتاج في بقائه إلى غيره كان ممكنا ولا يكون واجبا للتنافي بالضرورة بين الواجب والممكن وخالفت الأشاعرة في ذلك وذهبوا إلى أنه تعالى باق بالبقاء. وهو خطأ لما تقدم ولأن البقاء إن قام بذاته تعالى لزم تكثره واحتياج البقاء إلى ذاته تعالى مع أن ذاته محتاجة إلى البقاء فيدور وإن قام بغيره كان وصف الشي ء حالا في غيره وإن غيره محدث وإن قام البقاء بذاته كان مجردا. وأيضا بقاؤه تعالى باق لامتناع تطرق العدم إلى ذاته ]صفاته[ تعالى. ولأنه يلزم أن يكون محلا للحوادث فيكون له بقاء آخر ويتسلسل. وأيا صفاته تعالى باقية فلو بقيت بالبقاء لزم قيام المعنى بالمعنى
خاتمة تشتمل على حكمين الأول البقاء يصح على الأجسام بأسرها
وهذا حكم ضروري لا يقبل التشكيك. وخالف فيه النظام من الجمهور فذهب إلى امتناع بقاء الأجسام بأسرها بل كل آن يوجد فيه جسم ما يعدم ذلك الجسم في الآن الذي بعده ولا يمكن أن يبقى جسم من الأجسام فلكيها وعنصريها بسيطها ومركبها ناطقها وغيرها آنين. ولا شك في بطلان هذا القول لقضاء الضرورة بأن الجسم الذي شاهدته حال فتح العين هو الذي شاهدته قبل تغميضها والمنكر لذلك سوفسطائي بل السوفسطائي لا يشك في أن بدنه الذي كان به بالأمس هو بدنه الذي كان الآن وأنه لا يتبدل بدنه من أول لحظة إلى آخرها وهؤلاء جزموا بالتبدل.
مخ ۲۸