177

فلما مهد أرضه (1)، وأنفذ أمره ، اختار آدم ، عليه السلام ، خيرة من خلقه (2) وجعله أول جبلته (3) وأسكنه جنته ، وأرغد فيها أكله وأوعز إليه فيما نهاه عنه ، وأعلمه أن فى الاقدام عليه التعرض لمعصيته ، والمخاطرة بمنزلته فأقدم على ما نهاه عنه موافاة لسابق علمه فأهبطه بعد التوبة ، ليعمر أرضه بنسله ، وليقيم الحجة به على عباده ، ولم يخلهم بعد أن قبضه ، مما يؤكد عليهم حجة ربوبيته ، ويصل بينهم وبين معرفته ، بل تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة من أنبيائه ومتحملى ودائع رسالاته ، قرنا ، فقرنا ، حتى تمت بنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم حجته ، وبلغ المقطع عذره ونذره (4)، وقدر الأرزاق فكثرها وقللها وقسمها على الضيق والسعة فعدل فيها ليبتلى من أراد بميسورها ومعسورها ، وليختبر بذلك الشكر والصبر من غنيها وفقيرها ، ثم قرن بسعتها عقابيل فاقتها (5) وبسلامتها طوارق آفاتها ، وبفرج أفراحها (6)

مخ ۱۷۷