كل شخص باللفظ الموضوع له ، حتى يقولوا : أزيد عندك؟ أفلان عندك؟ ويعدوا كل عاقل ، لاستطالة ذلك ، فاختصروا بالعدول إلى لفظة من ، فيجب أن تقوم في الغرض مقام الاستفهام عن كل عاقل باسمه ، وقالوا في عموم لفظة ما مثل ذلك.
وثانيها : أن القائل إذا قال : «من دخل داري ضربته» حسن أن يستثني كل عاقل من هذه الجملة ، ومن شأن الاستثناء أن يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته بدلالة قبح استثناء البهائم من هذه الجملة ، لما لم يجب دخولها فيه.
وثالثها : أن الاستغراق معنى معقول لأهل اللغة ، ومما تدعوهم الدواعي إلى الاخبار عنه ، فلا بد أن يضعوا له عبارة تنبىء عنه ، كما فعلوا ذلك في كل شيء عقلوه من المعاني ، ودعتهم الدواعي إلى الاخبار عنه ، وإذا وجب ان يضعوا عبارة ، فلا شيء من الألفاظ بذلك أولى من الألفاظ التي نذهب إلى عمومها.
ورابعها : أن العموم قد أكد بتأكيد معين ، وكذلك الخصوص ، فكما اختلف التأكيدان في وضع اللغة لا بالقصد ، فكذلك يجب في المؤكد.
وخامسها : أن لفظة «من» لا بد لها من حقيقة في وضع اللغة ، وإذا لم يجز أن تكون موضوعة لبعض من العقلاء معين أو غير معين ، ولا لجميعهم على البدل ، وجب أن يكون الجميع على الاستغراق.
وسادسها : أنا قد علمنا أن كل من أراد أن يخبر عن الاستغراق لا بد له من استعمال هذا الألفاظ التي نذهب إلى أنها مستغرقة ، فيجب أن تكون موضوعة له ؛ لأنه لا مندوحة عنها ، وجرى ذلك مجرى كل الحقائق التي يفزع فيها إلى العبارات الموضوعة لها.
والجواب عما ذكروه أولا : أنكم قد اقتصرتم في قاعدة هذه الشبهة على الدعوى ، ونحن لا نسلم لكم أن من استفهم بلفظة «من» ولم يعرف من قصد المخاطب بعادة أو قرينة أنه أراد الشمول يحسن أن يجيبه بذكر كل عاقل وإنما
مخ ۱۳۹