فرجع صاحب الترجمة إلى اليمن وقصد حضرة صاحب المواهب تائبا فقبله ومدحه بغرر المدائح، ولم ينل أحد من الشعراء ما ناله منه بشعره وخوله أنعاما كثيرة ونقله في الأعمال.
وكان الوزير الحريبي منحرفا عنه، وأرسله [47ب-ب]صاحب المواهب في سنة ثلاث عشرة ومائة وألف إلى (اللحية) و(الزيدية) (1) لطلب العاملين"فيهما" (2) إليه فنفذ إليهما وأفرط في عقوبتهما ونالها منه ضرر كثير وانتهب أموالهما، ولم يؤمر بذلك فلما قدما الحضرة شكيا ما صادرهما به فغضب صاحب المواهب عليه وأمر به إلى زيلع (3) وهي جزيرة في أول بلاد الحبشة فلبث بها مسجونا.
[وفاته]
حتى توفي سنة خمس عشرة وقيل سنة تسع عشرة ومائة وألف.
وكان قد أودع بعض التجار مالا نحو عشرة آلاف قرش فحمله ذلك التاجر بعد موته إلى صاحب المواهب وحسن له بعض الحاضرين في أخذه فدعا بأم صاحب الترجمة وسلم المال إليها جميعا، فعدت من مناقبه.
وكان صاحب الترجمة قد جمع أموالا واسعة مع شح مفرط ودارت بينه وبين [149-أ]أدباء عصره مكاتبات ومماجنات واتفق أن الشيخ إبراهيم الهندي كان يتعشق بعض أبناء القضاة فلقيه في بعض الأيام فأزور منه ولم يكلمه فكتب إليه أبياتا وضمن فيها قول ابن الخيميالحيمي:
لقد حكيت ولكن فاتك الشنب
وأول أبيات الشيخ إبراهيم:
فيمن أزور أراك لا ذنبا ولا عتب ... وإنما نار أشواقي هي السبب
فلما بلغت الأبيات صاحب الترجمة كتب إليه:
من مبلغ الشيخ عني ما أقول له
أرى الغزال الذي قد صرت تعشقه
دع المقاطيع فيما فيمن أنت عاشقه
حكيت ما فيه من حسن منفره
... إن النصيحة فيما بيننا تجب
مخ ۲۴۲