قال أبو القاسم الحسن بن بشر بن يحيى الآمدي: قد ذكرت في الجزء الثاني الموازنة بين شعر أبي تمام حبيب بن أوس الطائي وشعر أبي عبادة الوليد بن عبيدٍ البحتري، وخطأ أبي تمام في الألفاظ ولامعانين وبيضت آخر الجزء لألحق به ما يمر من ذلك في شعره، وأستدركه من بعد في قصائده.
وأنا أذكر في هذا الجزء الرذل من ألفاظه، والساقط من معانيه، والقبيح من استعاراته، والمستكره المتعقد من نسجه ونظمه، على ما رأيت المتأخرين يتذاكرونه، وينعونه عليه ويعيبونه، وعلى أنى وجدت لبعض ذلك نظائر في أشعار المتقدمين؛ فعلمت أنه بذلك اغتر، وعليه في العذر اعتمد؛ طلبًا منه للاغراق والإبداع، وميلا إلى وحشي المعاني والألفاظ، وإنما كان يندر من هذه الأنواع المستكرهة على لسان الشاعر المحسن البيت أو البيتان يتجاوز له عن ذلك؛ لأن الأعرابي لا يقول إلا على قريحته، ولا يعتصم إلا بخاطره، ولا يستقي إلا من قلبه، وأما المتأخر الذي يطبع على قوالب، ويحذو على أمثلة، ويتعلم الشعر تعلمًا، ويأخذه تلقنًا؛ فمن شأنه أن يتجنب المذموم، ولا يتبع من