قوله " على نائل له مسروق " خطأ؛ لأن نائله هو ما ينيله، فكيف يكون مسروقًا منه؟ وهل يكون الهجو إلا هكذا: أن يجعل نائله مأخوذًا منه على طريق السرقة؟ وإنما اعتمد المطابقة لما وصفه بالتيقظ جعله ممن يسرق منه؛ إذ كان من شأن المتيقظ أن لا غفل حتى يستتم عليه السرق، وقد كان يصح هذا المعنى لو قال: علىمال له مسروق، حتى يكون يعطى ما له اختيارًا لجوده ويغضى إذا سرق منه لكرمه.
٣٦ - ومن خطائه قوله:
لو يعلم العافون كم لك في الندى ... من لذةٍ وقريحةٍ لم تحمد
ويروى " من لذة أو فرحة " أي من لذة وفرح؛ أي ابتداع واستخراج وهذا عندي غلط؛ لأن هذا الوصف الذي وصفه داعيةٌ أن يتناهى الحامد له في الحمد، ويجتهد في الثناء بأن لا يدع حمده، وإنما ذهب إلى أن الإنسان إنما يحمد على الشيء الذي يتكلفه ويتجشمه ويتحمل المشقة فيه، لا على الشيء الذي له بواعث شهوة من نفسه وشدة صبابةٍ إليه ومحبة لفعله، ومن كان غرامه بالجود هذا الغرام فعلى ذلك يجب أن يحمد ويمدح.