172

وما تأولوا به هذه لأية: من أنه لا تدركه الأبصار في الدنيا فقط،لا في الآخرة، فليس بصحيح؛ لأنها كما قلنا مدحة من الله والمدحة لا تكون مقصورة على وقت دون وقت، وإلا لزم على قولهم ذلك أنه يجوز أن يكون الله {لطيف خبير } في الدنيا فقط دون الآخرة، وإلا ما الفرق حتى نقول: لا تدركه الأبصار في الدنيا،لا في لآخرة، لطيف خبير في الدنيا والآخرة؛ فهذا تفريق بدون فارق، فالآية واحدة والسياق واحد.

فكيف يكون الله ممدوحا بمدح ونقول في الدنيا فقط، فلا مانع على هذا أن نقدر في كل المدائح التي لله أنها في الدنيا فقط دون الآخرة؛ فيكون قول الله سبحانه وتعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم} [البقرة:255]، في الدنيا فقط أما الآخرة فتأخذه سنة ونوم تعالى عن ذلك .

فإذا قالوا: يلزم من هذا النقص في الله سبحانه لأن السنة والنوم من صفات الأجسام.

فنقول: وكذلك قولكم إن الأبصار تراه في الآخرة فيه نقص في الله سبحانه لأن الأبصار لا ترى إلا الأجسام والأعراض والله ليس بجسم ولا عرض.

ولأن الآية مدح لله سبحانه لأن الله قال فيها: {ذلكم الله ربكم} [الأنعام:102]، يعني هذا الذي هو على هذه الصفات العظيمة من أنه فالق الحب والنوى مخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي، الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير.

مخ ۱۷۲