171

وهذه الآية محكمة؛ فيكون معناها واضحا لا لبس فيه ولا يمكن القول بغيره؛ حيث قال: الله سبحانه وتعالى: {لا تدركه الأبصار}، فالإدراك هي الرؤية والنظر، والأبصار هي العيون، وليس هناك معنا آخر يحتمله اللفظ أو يدل عليه، ولا يمكن تأويل هذا اللفظ بغير هذا التأويل ولذلك سميناه محكما؛ فهو محكم من الإحكام، وهو الإتقان لا لبس فيه ولا غموض.

فنفى سبحانه وتعالى في الآية رؤية العيون له، والآية في سياق تعداد المدائح لله سبحانه وتعالى؛ فذكر في أول الآيات أنه { فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي} [الأنعام:95]،..إلى أن قال: {بديع السموات والأرض أنا يكون له ولد ولم يكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم (101)ذلكم الله ربكم لاإله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل (102) لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير(103)} [الأنعام].

فهي مدحة مدح الله بها نفسه، فلا يجوز أن نقصرها على وقت دون وقت أو على مكان دون مكان، يعني أن الله سبحانه ليس من جنس الأشياء التي تدرك بالأبصار؛ لأن الأبصار لا تدرك إلا الأجسام أو الأعراض، والله ليس بجسم ولا عرض وهو اللطيف الخبير.

مخ ۱۷۱