وقال حفظه الله في موضع آخر : يكيف بعض الكاتبين من غير أصحابنا ولا سيما المستعمرون الانقلابات بعمان حسب ما يشاء له هواه ، وقد يشتد بعضهم في القول إلى حد الطعن السخيف ، ولم يتبينوا السر في وجودها . وذلك أن الأمة العمانية مشربة بروح النظم الشرعية التي يجري عليها الأئمة ، وهي الحكومة المبنية على الشورى وانتخاب الإمام والعمل بالشريعة ورد كل شيء إلى حكمها حسبما كان عليه الخلفاء الأربعة - قلت وخلفاء بني رستم في المغرب - وإذا ضعف هذا الأسلوب من الحكم برزت الملكية إلى الميدان فيظهر الصراع بين الملكية والإمامة ، وهو كالصراع بين الملكية والجمهورية في الأقطار الغربية ، ومن ذلك الانقلاب الذي ظهر على أثره الإمام عزان بن قيس رضي الله عنه فإنه إمام شرعي بإجماع الأمة ، ووصف الأجانب له بما هو هراء لا يطمس الحق ، ولا عبرة بمن تبعهم من المسلمين في هذيانهم ، والله أعلم . ا ه وقال الأمير شكيب أرسلان - بعد أن ذكر بإسهاب وإعجاب ما كانت عليه الدولة العمانية في بعض عصورها من عظمة وقوة وفتح واستعمار ومدنية وعدل الخ - قال : هذه مملكة عمان التي كانت أقوى دولة بحرية في آسيا كلها لا في بلاد العرب وحدها ، والتي قرأت في بعض المؤلفات الأوروبية أنها منذ نحو مائة سنة كانت تملك 100 باخرة حربية قد آل أمرها بتلاعب انكلترا بأمورها إلى أن سقطت عن عزها وعاد بدرها عرجونا ، وصارت إمارة صغيرة لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا ، ولا يقدر أميرها أن يأتي بأمر مهما كان تافها إلا إذا أشار به المعتمد البريطاني . فنزف هذه الحقيقة إلى أولئك البله من أبناء جلدتنا الذين لا يزالون يحلمون بأن انكلترا لا بد أن تؤسس لهم دولة عربية .. إلى أن قال :
وأما زنجبار والمستعمرات التي كانت لعمان في شرق أفريقية فقد تقاسمتها انكلترا مع ألمانيا وإيطاليا ، ولم تبق لسلطان زنجبار على جزيرة زنجبار سوى اسم السلطنة فقط .
وهذه الجزيرة مساحتها 1620 كيلومترا مربعا معدودة من أخصب البقاع وأكثرها حاصلات ، وفيها معامل السكر ومعاصر الزيت وأهلها 200 ألف نسمة منهم عرب ومنهم من القوم الذين يقال لهم سواحلية ومن الواحاديمو أي أهل الجزيرة الأصليين ، ومن البانيان أي الهنود الشماليين . وكانت زنجبار - مع جزائر بمبا ، ومافيه ، ولامو ، والسواحل الشرقية المقابلة لها - مملكة عربية أسسها ملوك عمان سنة 1856 منفصلة عن مسقط بل بعد أن كانت مستعمرات لعمان منذ قرون . فوضعت أيديها الدول المستعمرة على هذه الجزر والسواحل ، ومن سنة 1885 إلى سنة 1893 تم التقسيم على أن يكون لانكلترا سلطنة زنجبار التي هي عبارة عن جزيرة زنزبار ، وبمبا ، وما يقابلها من الساحل من ( أوانغا إلى كيسمايو ) .
مخ ۷۲