* أحدهما: الندم، فيجب الندم على ما أتى به من القبيح لقبحه، وما أخل به من الواجب لكونه إخلالا بواجب، ويبالغ في هذا الندم مبالغة شديدة حتى تكون أبلغ من الندم على ما أخطأ به وقصر من أمور دنياه حسب الإمكان، ويتوب من كل ذنب بعينه، وإلا فمن جميع ذنوبه جملة مع عدم انحصارها، ويقضي ما فرط فيه من حقوق الله تعالى وحقوق المخلوقين على (الوجه) المخلص شرعا.
* الركن الثاني من أركان التوبة: العزم، وهو أن يعزم عزما قويا أبلغ (ما يمكن) أن لا يأتي شيئا من القبيح ولا يخل بشيء من الواجب، وليكسر شهوته، وليذل (نفسه) بتحمل شيء من الطاعات الشاقة كالصلاة والصيام ونحوهما.
فمتى تم ما ذكر فهي التوبة النصوح المقبولة إن شاء الله تعالى.
ولا يخلو من الخوف والوجل، إذ لا يأمن أن تكون التوبة غير واقعة على الوجه المرضي المقبول، ويستعان على إتمام التوبة بأن يملأ قلبه خوفا وخشية لأن التوبة لا تدوم إلا بذلك، فلا شك أن الخوف للتوبة بمنزلة الأساس للبنيان، ومن أبلغ دواعيها وأقوى أسبابها الاستكثار من ذكر الموت، وللأحوال التي تكون قبل الموت وبعده من البلاء في القبور، ولأحوال البعث والنشور، ولأحوال أهل الجنة والنار، ومن أحس من قلبه القساوة فليتصور أحواله عند الغرغرة بالموت والنزاع، وعند مفارقة الروح للجسد، ويتصور حالته تلك عند أهله وحالهم عنده، وأيتامه وبكاءهم عليه وندبهم له، وغير ذلك مما هو معلوم بضرورة العادة.
عنه صلى الله عليه وآله وسلم : ((من أكثر من ذكر الموت سلا عن الشهوات، ومن سلا عن الشهوات هانت عليه المصيبات، ومن هانت عليه المصيبات سارع إلى الخيرات)).
واعلم أن الثبات على التوبة عسر، والناكصون عنها هم الجم الغفير.
مخ ۹۰