واعلم أن من الأسباب المندوبة الملازمة للصفات الحميدة والأفعال السديدة أن يوطن الإنسان لنفسه وظائف معلومة محدودة، والمراد أنه يوزع أوقاته ويقسمها على ما يليق به من عبادة وقربة كصلاة أو تلاوة أو أدعية أو ذكر، ومن اشتغاله بأمر معاشه وبما يتعلق به من أمر العامة وأعمال ما يتولاه إذا كان ذا ولاية، وليحذر من الدنيا وطلب ما يزيد على الكفاية فإنها أسحر من هاروت وماروت، وأن يجعل الموت نصب عينيه كما ورد، وقد أجمع العلماء على اختيار الزهد .
الثامن عشر ترك ما لا يعنيه ،
قال صلى الله عليه وآله وسلم : ((من حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه)).
واعلم أن ما يفعله الإنسان ويهم به لا يخلو من أحد خمسة أمور :
واجب، ومندوب، ومباح، ومكروه، ومحظور .
* فالمحظور: يجب اجتنابه على كل حال.
* والمكروه: ينبغي اجتنابه ما أمكن؛ نحو أن يأكل بالشمال .
* وأما المباح: فما لم تدع إليه حاجة توجب عدم الاشتغال وتضييع الوقت بفعله، وما كان منه جلب منفعة أو دفع مضرة كان فعله مع قصد وجه القربة من المندوب، فما من مباح إلا وينقلب قربة عند الحاجة إليه والنية الصالحة كما تقدم .
* وأما الواجب: فلا كلام في تحتم الإتيان به على كل حال .
* وأما المندوب: فينبغي الإتيان به (حسب الإمكان) على كل حال، وهو مما يعني الإنسان، فبهذا التحصيل يسهل ترك ما لا يعني .
التاسع عشر التوبة:
هي منزلة شريفة لا يرتفع عنها أحد لكثرة ذنوبه، ويجب ملازمة التوبة في بداية الأمر ونهايته، بلغ عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لأبي ذر: ((حقوق الله تعالى أعظم من أن يقوم بها العبد، ولكن أصبحوا تائبين، وامسوا تائبين)) .
وللتوبة ركنان :
مخ ۸۹