(أما الدين) فليقدمه على أمر الدنيا، والمقدم من أمر الدين - فليقدمه - : تحقيق صحة العقيدة بتوحيد الله وتمجيده، واعتقاد اختصاصه بصفات كماله، وتجرده عن النقائص كلها، وتنزهه عن مشابهة المحدثات، وفعل القبائح والكذب فيما قاله، والخلف فيما وعد به أو توعد، وأن يدين الله بصدق رسوله، وعموم رسالته، واعتقاد ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بعده، وتفضيل أهل بيته ومودتهم وتقديمهم على غيرهم، ورعاية حقهم، ومحبة محق أصحابه، وليتبرأ إلى الله من كل دين غير دين الإسلام، وعقيدة غير مطابقة مراد الله تعالى، وبدعة في الدين غير لائقة، ثم يتعلم من الشريعة ما يمكنه، ويتأدب بآدابها، ويرجع فيما التبس عليه إلى أهل المعرفة، وأن يوطن نفسه على ذلك، والعمل بمقتضاه، ولا يغفل عن علم الطريقة فهو العلم النافع على الحقيقة، وإذا اعترض له واجب ومندوب قدم الواجب، وإذا اعترض له واجبات معدودة قدم الأهم فالأهم، كفرض العين على فرض الكفاية، والمضيق على الموسع .
وليعلم أن المقصود الدين لا الدنيا، فلا يشغل بالدنيا قلبه إلا ما كان منها قواما للدين، ثم ليكن الإنسان وصي نفسه إن غفل فلا يتغافل عن تحصيلها والتفقد لأحوال دينه، ويلزم الوسط مما يحتمله حاله، ومجانبته عمل الإفراط والتفريط، ولا يؤخر شغل يومه إلى غده، ولا عمل وقت إلى ما بعده، فمن المستهجن تأخير العمل وإطالة الأمل، ولا يشتغل بأمر العامة إلا بعد إصلاح أمر أهله وخاصته، وإن أمكنه السعي في إصلاح أمر من أمور المسلمين قريب أو بعيد فليفعل، فإن في ذلك فضلا كبيرا.
مخ ۸۸