كما روي عن النبي - عليه السلام - أنه قال: »راصوا بين صفوفكم وحاذوا بالأعناق«، وقال: »لا تختلفوا فيخالف الله بين قلوبكم«، وقد قيل إن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يساوي بين الصفوف ويضرب عراقيبهم بالدرة حتى يستووا والصف المقدم من الرجال أفضل، والصف المؤخر من النساء أفضل، والمبادر في الصف الأول كالمتشحط بدمه* في سبيل الله، وقيل أفضل خطوة في الأرض خطوة يسد بها الرجل فرجة في الصلاة، وخطوة يسد بها صفا في الجهاد في سبيل الله، والماشي إلى المسجد له بكل خطوت حسنات ودرجات، وقيل الانتظار من الصلاة إلى الصلاة كفارة ما بينهما، والمساجد بيوت الله في أرضه وزوارها هم زواره، والربط هو الانتظار من الصلاة إلى الصلاة، وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصلاة الجماعة وحث عليها، ولم يزل على فعلها حتى مات صلوات الله عليه، فإذا كان رجلان صليا جماعة لما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: »هذان جماعة« وإذا صلى اثنان صف المأموم عن يمين الإمام فإن كان رجل وامرأتان صف الرجل عن يمين الإمام والمرأتان خلف ذلك الإمام، فإن كان رجلان وامرأتان صف الرجلان خلف الإمام والمرأتان خلف الرجلين كعرف الديك، فإن كان رجل وامرأة كان الرجل على قول خلف الإمام والمرأة خلف الرجل، والذي أختاره أن يصف الرجل عن يمين الإمام والمرأة حيث شاءت، لأنها لا صف عليها على قول ولا جماعة عليها، وإذا صلى رجل واحد وإمام فلا يجاوز سجوده منكب الإمام، ويقوم قصده متأخرا قليلا، ويكون تابعا له وأصابع رجليه عند رصغي الإمام عن يمين الإمام، فإن ساواه في السجود فلا نقض عليه*، وعن رجل صلى هو ورجل جماعة، وكان الإمام مرتفعا عن المأموم بقدر شبرين أو ثلاثة أشبار، فإذا كان ارتفاعه قدر ثلاثة أشبار لم تجز الصلاة للمأموم، وكذلك المأموم إذا كان مرتفعا ثلاثة أشبار فلا تجوز صلاته بصلاة الإمام والله أعلم.
وقيل في رجل أخذ قفوة الإمام ثم علم أن ثوبه نجس وبدنه، فقول لا بأس على الذي يليه من الصف إذا لم تنله النجاسة، وعلى قول من يقول إن القفوة إمام ثان أفسد عليهم، وقيل إن من صلى مع الترك جماعة، وخاف إن لم يرفع يديه في الصلاة عقوبة إن صلاته تامة إذا فعل ذلك تقية ولم يتدين به، وإذا صلى رجل وامرأته فلا يجاوز سجودها منكبيه وتقوم متأخرة عنه، وأما المرأة الأجنبية فلا يجوز لها أن تصلي خلف الأجنبي وحدها، لأن ذلك معصية، فلا تجوز صلاتها لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: »لا تخلو امرأة عند رجل غير ذي محرم منها فإن الشيطان أحدهما أو قال ثالثهما«، ويقرأ الإمام ما تيسر من القرآن غير محدود، ومن صلى بقوم فليقصد بهم، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان أخف الناس إذا أم الناس، وأثبت الناس لنفسه إذا صلى وحده، ومن المأمومين يتم بهم الصلاة، فإن كان في السجود فيرفع رأسه ويأمر الرجل الذي يقدمه ويقول يا فلان تقدم، فيقضي الرجل الحد الذي هو فيه، أعنى الرجل الذي قدمه الإمام، فإذا أتمه رفع رأسه من السجدة الأولى بتكبيرة، وهو بعد في موضعه ويكون إماما وهو في موضعه، ثم يزحف إلى مكان الإمام فيتم السجدة الثانية فيه، فإن كان في السجدة الثانية من الركعة الثانية فيرفع رأسه بتكبيرة ثم يزحف فيكون في موضع الإمام ويقضي التحيات ويقضي لهم الصلاة فإن كان في حال السجود، فإذا رفع رأسه زحف وهو متورك، وإن كان في حال القيام مشى ويسحب رجليه، ولا يتربع، ويكون قيامه عن يمين الإمام، فإن كان يقرأ الإمام سرا أعلم الذي يقدمه حيث وصل من الحمد والتحيات، وأن يقدم الرجل الذي يتم بالقوم صلاتهم بحيث يكون أحد من الجماعة في قفوته، ولو لم يقف مكان الإمام، جاز ذلك إن شاء الله إذا كان في حال السجود والله أعلم.
مخ ۵۴