موجز
الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة
اختلف الناس في قيام حجة الله التي يثبت بها فرض الدين على عباده، ووصولها إلى خلقه في جميع ما دعاهم إليه من طاعته وزجرهم عنه من معصيته، بعد إجماعهم على أن الله كلف عباده البالغين أشدهم من الأصحاء، وأنهم محجوجون مقطوعو العذر فيما أتوا وفيما تركوا، وأن الله مستدع إلى طاعته، نادب إلى عبادته، ولم يؤت أحد من الخلق في تقصير من قبل الله، وإنما أوتوا فيما أمروا به ونهوا عنه من قبل أنفسهم، وأن الله لم يقطع عليهم إلا بالبيان الواضح لئلا يؤتوا في شبهة من قبل الله على أصل قولين: فقالت المعتزلة: إن حجة الله على عبادة التي قطع بها عذرهم فيما تعبدهم به من الإقرار بوحدانيته (¬1) ، والإذعان لربوبيته، ما ركبه فيهم من العقول الصحيحة السالمة من شوائب الآفات. فكل من صحت له جارحة العقل، وسلمت له غريزة الفكر فعليه أن يعرف بعقله أن الله واحد لا شريك له في خلقه، ولا يشبهه شيء من بريته، لما يجده من الدلالة على ذلك في هذا الخلق، مما يشاهد من عجز الخلق عن إحداث بعضه لبعض، وحاجة بعضه إلى بعض، فدل ذلك على حاجة جميعه إلى محدث يحدثه ومدبر يدبره.
¬__________
(¬1) الوحدانية: الفردانية، وقال أبو القاسم الراغب: الواحد في الحقيقة هو الشيء الذي لا جزء له البتة، ثم يطلق على كل موجود حتى إنه ما من عدد إلا ويصح به فيقال عشرة واحدة، ومائة واحدة، فالواحد لفظ مشترك يستعمل على وجوه. راجع البصائر 5: 170 بتصرف.
مخ ۱۴۷