موجز
الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة
قالوا: فإذا نظر في هذا بأحسن النظر، وفكر فيه بحقيقة الفكر عرف بعقله ما بين الدليل والمدلول عليه، فيستدل على أن لهذا الخلق خالقا خلقه، ومدبرا دبره، ولا يشبهه خالقه في وجه من الوجوه، وزعموا أن الناس قد يسلمون في أمر دينهم لما جعل الله في عقولهم من الكفاية، ولا حاجة لهم إلى منبه، ولا معبر يعبر عن الله في شيء من أمره، وأن ما وراء هذا من المعارف برسل الله وبكتبه، وأن محمدا رسول الله، وبأن ما جاء به محمد أنه هو الحق، فقد يسلم الناس عندهم بجهالة ذلك. وقد زعموا أنهم يسلمون بجهل جميع ما أتى به محمد _صلى الله عليه وسلم_ من ذلك من الفرائض، وأنهم يسلمون بترك جميع ذلك، وأنهم يسلمون بفعل جميع ما حرم الله على لسان نبيه من المحارم، وأنهم غير مأمورين بمعرفة شيء من ذلك ولا بعمل شيء مما كان منه فرضا، ولا بترك شيء مما كان منه محرما، وأنهم ليسوا بمنهيين عن جهل شيء من ذلك، ولا عن ترك شيء مما كان منه فرضا، ولا عن مقارفة شيء مما كان منه محرما، إذا كانوا لا يجدون في عقولهم المعرفة لشيء من ذلك حتى تكون الحجة قائمة عليهم. ووافقهم على ما وصفنا من مقالتهم من الإباضية (¬1) عيسى بن عمير.
¬__________
(¬1) الإباضية: نسبة إلى عبد الله بن أباض، وهو تابعي عاصر معاوية، وتوفي في آخر أيام عبد الملك بن مروان. وهذا المذهب يعد من أقدم المذاهب الإسلامية على الإطلاق. مصادره: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وأما في الحديث الشريف فيعتمد على الجامع الصحيح للإمام الربيع بن حبيب المتوفى سنة 170 ه. ويوجد الإباضية حاليا في الجزائر، وتونس، وليبيا، وعمان، وزنجبار. راجع دراسات إسلامية في الأصول الإباضية ص 136.
مخ ۱۴۸