فلما عرفنا أشراف هذه الكواكب الخمسة ومكان قوتها من تلك البروج أردنا أن نعلم شرف الكوكبين الباقيين وقوتهما وقد تقدم قولنا أنه لا يكون برج واحد شرفا لكوكبين ووجدنا الزهرة لا تتباعد عن الشمس أكثر من سبع وأربعين درجة ودقائق وهي كوكب رطب مؤنث وقد علمنا أن الثور شرف القمر وأن الحوت لرطو بته وتأنيثه أولى بالزهرة من الجوزاء فصارت قوة الزهرة في خمس عشرة درجة من الحوت وصارت قوة عطارد في خمس عشرة درجة من السنبلة على مثلثة الثور وإنما جعلناه على مثلثة الثور لأن عطارد لا يتباعد عن الشمس أكثر من سبع وعشرين درجة ودقائق وهو كوكب فيه يبس على طبيعة أول زمان الخريف والثور برج مشاكل لعطارد بطبيعة اليبس وبقربه من شرف الشمس إلا أن الثور قد صار شرف القمر فأولى البروج بشرف عطارد السنبلة وأقوى ما يكون في خمس عشرة درجة منها لأنها تشاكله باليبس وبطبيعة أول زمان الخريف وأن طول نهارها وطر يقتها في الفلك مثل طول نهار الحمل وطريقته فلاتفاق طريقتها للحمل الذي هو شرف الشمس وأن ممرها في الفلك في طول النهار ممر واحد صارت السنبلة بطبيعتها أقرب إلى الحمل من الثور وأيضا كما جعلنا شرف زحل في البرج الذي هو ضد شرف الشمس لمخالفة أحدهما لصاحبه فكذلك جعلنا شرف عطارد في خلاف شرف الزهرة لأن الموضع الذي يتضع فيه الزهرة هناك شرف عطارد لمضادة الحكمة للهو والطرب
فلما عرفنا البيوت التي تشرف فيها هذه الكواكب وقوة كل كوكب منها من ذلك البرج أردنا معرفة حد درجة الشرف في برج برج لكل كوكب فعدنا إلى ما كنا ذكرناه في القول الثاني أن الابتداء بالقسمة من الشمس ومن نصف النهار ومن أول الحمل ومن خط الاستواء ومن وسط السماء لأن الشمس تتصاعد عند دخولها الحمل ويبتدئ النهار بالزيادة والنهار علة الليل ونصف النهار هو أقوى أزمان النهار وأيضا فإن مطالع طوالع العالم يختلف عليهم
مخ ۴۸۲