وتهللت أسارير المستر بكوك، ومضى يقول: «حقا إنه لكذلك، يا له من غلام طيب ... سأنفحه شلنا في الحال، يا سام، هيا، ادفع العربة.»
وقال المستر ولر، وقد جددت من قواه أخيلة الغداء، وقرب تناوله: «امسك جيدا يا سيدي، وأنت يا صاحب الأربطة، أفسح الطريق، ولا تقلبني إن كنت تقدر حياتي الغالية، كما قال ذلك السيد للسائق، وهم يسوقونه إلى طايبرن.»
1
وانطلق يسرع في خطوه، ويدفع عربة سيده بخفة نحو الربوة النضيرة، حتى وقف بها بجانب السلة تماما، وأقبل يخرج ألوان الطعام منها في سرعة فائقة، وجعل يناجي نفسه، وهو يصف الأطعمة فوق الحشائش: «فطير بلحم العجول، هذا صنف بديع جدا، حين تعرف السيدة التي طهته، وتتأكد أنه ليس لحم قطط، وماذا يهم إذا كان أقرب ما يكون شبها إلى لحم العجول، حتى لا يعرف صناع الفطائر أنفسهم الفرق بين اللحمين!»
وقال السيد بكوك: «أحقا لا يعرفون يا سام؟»
وأجاب المستر ولر، وهو يلمس قبعته: «كلا يا سيدي، لا يعرفون فعلا، فقد كنت في يوم ما أسكن مع صانع فطير في مسكن واحد يا سيدي، وكان الرجل لطيفا، ملء ثيابه لطافة، ورجلا مجتهدا منتظما في معيشته أيضا، يستطيع أن يصنع فطيرا من أي شيء كان، قلت له حين تأكدت الصداقة بيننا: كم من القطط تقتني يا مستر بردكس؟ قال: آه ... إني أقتني كثيرا منها. قلت: لا بد من أنك مولع جدا بالقطط. فغمز لي بعينه، وقال: كثير من الناس يربون قططا، ولكنهن لا موسم لهن متى ينقضي الشتاء. قلت: لا موسم لهن، كيف؟ قال: نعم، إن للفواكه موسما، ولكن القطط خارج الموسم! قلت: عجبا! ماذا تعني؟ قال: أعني! أعني أنني لن أتآمر مع الجزارين على تثبيت أسعار اللحوم! وراح يضغط بشدة، ويهمس لي في أذني قائلا: يا مستر ولر، أرجو ألا تذكر ما سمعته هنا أبدا، إن الموسم هو الذي له دخل في هذا كله، إن هذه الفطائر تصنع كلها من هذه الحيوانات النبيلة - ومضى يشير إلى قطة لطيفة صغيرة - وأنا أقدد لحومها لصنع شطائر محمرة من لحم العجول الكبيرة والكلى حسب الطلب، وفوق ذلك أستطيع أن أصنع من لحم العجول الصغير شطائر محمرة، أو من الشطائر «كلاوي»، أو من هذا أو ذاك لحم ضأن في دقيقة واحدة، حسب أحوال السوق والأذواق تختلف!
وقال المستر بكوك وهو يرتعش ارتعاشة خفيفة: «لا بد من أن هذا الرجل كان شابا بارعا ماهرا يا سام.»
ومضى المستر ولر يقول وهو ماض في تفريغ السلة: «فعلا يا سيدي، وكانت فطائره جميلة، ماذا أرى؟ لسانا، هذا صنف بديع، إذا لم يكن لسان امرأة، وهذا خبز، وهذا لحم خنزير مملح بديع، قطع صغيرة من اللحم البارد، مفتخر! وماذا في هذه القدور الفخارية يا هذا؟»
وأجاب الغلام وهو ينزل عن كتفه قدرين كبيرتين من الفخار، مربوطتين بسير من الجلد: «في هذه القدر «بيرة»، وفي الأخرى «بنتش» بارد.»
وقال المستر ولر وهو يستعرض ترتيب الأطعمة بسرور شديد: «إنه لغداء شهي في مجموعه، والآن أيها السادة اهجموا! اهجموا! كما قال الإنجليز للفرنسيين حين ثبتوا الحراب في البنادق.»
ناپیژندل شوی مخ