وأنشأ سام يسأل جليسه، وقد ملأ له كأسا للمرة الثانية: «وأي مكان تشغل عند سيدك؟»
وأجاب جوب وهو يمسح شفتيه بلسانه: «سيئ، مكان سيئ جدا.»
وقال سام: «أتقول جدا؟»
قال: «هذا صحيح، بل أسوأ من هذا؛ إن سيدي مقدم على الزواج.» - «لا تقل هذا!» - «بل هو الواقع، وأسوأ منه أيضا أنه ينوي الفرار بوريثة ثراء ضخم في مدرسة داخلية.»
وقال سام وهو يعيد ملء كأس محدثه: «يا له من ثعبان! وأظن أن المدرسة الداخلية هنا في هذه البلدة، أليس كذلك؟»
وكان هذا السؤال قد ألقي بلهجة متناهية في الاستخفاف، وقلة المبالاة، ولكن المستر جوب تروتر أبدى من الحركات والإشارات ما ينبئ صراحة بأنه قد فطن إلى فضول صاحبه الجديد، ومحاولته انتزاع رد منه على سؤاله، فأفرغ ما في كأسه، ونظر نظرات غريبة إلى محدثه، وغمز بكلتا عينيه، واحدة بعد الأخرى، وأخيرا أدى حركة بذراعه، كأنما يدير يد «مضخة» وهمية، موحيا بتلك الحركة أنه يعد نفسه تحت عملية «امتصاص»، يقوم المستر ولر بها «لفتح» ما في صدره من الأسرار.
وقال المستر تروتر في النهاية: «كلا! كلا! هذا أمر لا يصح أن يقال لكل إنسان، هذا سر، سر عظيم يا مستر ولر.»
وما كاد الرجل «التوتي» اللون ينتهي من هذه العبارة، حتى انثنى يقلب القدح رأسا على عقب، كأنما يريد تذكير صاحبه أنه لم يعد لديه شيء من شراب يطفئ به ظمأه، ولمح سام تلك الإشارة، وشعر بالحركة الدقيقة التي أديت بها، فأمر أن يملأ الإناء شرابا، وعندئذ برقت عينا الرجل «التوتي» الصغيرتان.
وقال سام: «إذن هو سر؟»
وأجاب «التوتي» اللون وهو يتناول رشفة من الشراب، وقد بدا البشر في وجهه: «أظنه كذلك.»
ناپیژندل شوی مخ