234

مذکرات پیکویک

مذكرات بكوك

ژانرونه

وقال المستر بكوك: «افعل!»

وفي الحال انصرف المستر ولر، ولم ينقض نصف ساعة حتى كان المستر بكوك جالسا إلى طعام شهي، وبعد ثلاثة أرباع الساعة عاد المستر ولر يقول: «إن المستر شارلز فتز-مارشال أمر بحجز غرفة خاصة له إلى حين صدور أوامر أخرى؛ لأنه سوف يقضي المساء في بعض الدور الخاصة في جوارنا، وأمر بأن ينظف حذاؤه قبل عودته، وأخذ خادمه معه.»

ولما انتهى المستر ولر من إبلاغ سيده هذا النبأ استرسل يقول: «والآن يا سيدي إذا استطعت أن أتحدث مع هذا الخادم هنا في الصباح، فسوف يقول لي كل شيء عن سيده.»

وقاطعه المستر بكوك قائلا: «وكيف تعرف هذا؟»

وأجاب المستر ولر: «سبحان الله يا سيدي، كل الخدم يفعلون ذلك دائما.»

وقال المستر بكوك: «آه، لقد نسيت ذلك، وما ... ذا بعد ...؟»

قال: «وعندها تفكر يا سيدي في خير ما ينبغي عمله، ونحن نقوم بالتنفيذ.»

وتبين أن هذا هو أحسن تدبير يصح اتخاذه، فتم أخيرا الاتفاق عليه، وانصرف المستر ولر بعد إذن سيده ليقضي المساء كما يهوى، ولم تمض لحظات حتى انتخب بإجماع آراء الخدم المجتمعين في الطبقة الأولى من الفندق لتولي كرسي الرياسة، وهو مكان مشرف عرف كيف يدير الجلسة منه، ويشغله بجدارة فائقة، ويكتسب أتم الرضى والارتياح من السادة الأعضاء، حتى لقد ذهبت ضحكاتهم المدوية تخترق مخدع المستر بكوك، وتقتطع ثلاث ساعات على الأقل من وقت راحته الطبيعية.

وفي بكرة الصباح أخذ المستر ولر يعالج الآثار الباقية من سهرة الليلة الماضية والإفراط في الشراب، بدفع نصف بنس لقاء أخذ حمام رشاش، بعد أن تيسر له إقناع غلام ملحق بالإسطبل بقبول هذا القدر نظير تشغيل المضخة لترش الماء على رأسه ووجهه، حتى أفاق تماما، وإذا هو يلمح فتى في ثوب أحمر من ثياب الخدم جالسا فوق أريكة في فناء الفندق، يقرأ في كتاب يبدو عليه أنه كتاب «مزامير»، وهو مستغرق في القراءة، وإن جعل بين لحظة وأخرى يسترق نظرات إلى الشخص القائم تحت «المضخة»، كأن هذا المنظر قد أثار اهتمامه، رغم انشغاله بقراءة ذلك الكتاب.

وقال المستر ولر لنفسه: «إنك لمخلوق بديع، يطيب للعين أن تنظر إليه!» وكانت هذه الخواطر أول ما خطر له حين ألمت عيناه بنظرة ذلك الخادم الغريب في هذا الثوب التوتي اللون، فقد كان وجهه كبيرا أصفر اللون دميما، وعيناه غائرتين، ورأسه ضخما تدلى منه قدر من شعر فاحم.

ناپیژندل شوی مخ