230

مذکرات پیکویک

مذكرات بكوك

ژانرونه

وزجاجة من الشمبانيا، بينما كان المستر بكوك وخادمه سام ولر جالسين خارج مركبة حافلة، تنهب بهما الأرض، وتقربهما شيئا فشيئا من بلدة «بري سانت أدموندز» لمطاردة الرجل الغريب!

معنى «ليو هنتر» في الأصل «صيادة السبع»، وتقيم في العرين، بيت السبع، ولكن الكلمة هنا تعني المكان الذي اتخذته السيدة للدرس والبحث، أو المحراب.

رقصة يشترك فيها أربعة أزواج من الراقصين، وتسمى موسيقاها «كوادريل» كذلك.

الفصل السادس عشر

حافل بالأحداث بحيث لا يغني الإيجاز في وصفها. ***

ليس في شهور العالم كله شهر تبدو فيه الطبيعة أبهى ثيابا كشهر أغسطس، ولسنا ننكر أن للربيع عديد محاسنه، وأن شهر مايو شهر وسمي متفتح كأكمام الزهر، ولكن مفاتن هذا الشهر تزداد حسنا لاختلافها عن أيام الشتاء وشهوره، وليس لشهر أغسطس هذه المزية، فهو يأتي حين لا نذكر شيئا غير السموات الصافية، والحقول الناضرة، والأزاهر الفواحة، وحين تتوارى عن خواطرنا أخيلة الجليد والثلوج والرياح المقرورة، كما توارت عن الأرض ... ومع ذلك كله ما أجمل هذا الشهر وأخفه على النفس! فإن الأزهار فيه وحقول القمح لتضج بطنين العمل، وثمار الدأب، فنرى الأشجار رازحة فيه تحت كثاف عناقيد الثمرات الطيبة، على أغصانها المنحنية إلى الأرض، والقمح متكدسا في البيادر أكواما جميلة، أو متموجا متمايلا مع كل نسمة عليلة من الأنسام الهابة عليه، كأنما تناجي المنجل، وتضفي على الأرض لونا من نضار، وكأنما يغمر الكون كله لطف بهيج لين بديع، يسر الناظرين، وكأنما امتدت فتنة الموسم ذاته إلى المركبة التي لا تشعر بحركتها البطيئة في الحقول الجنية غير العين وحدها، ولا يطرق الأذن منها صوت شديد.

وكلما مرت المركبة مارقة من خلال الحقول والبساتين المترامية على حافة الطريق، تمهلت جموع النساء والأطفال، الذين يجمعون الثمار في الغرابيل، أو يجنون سنابل القمح المتناثرة، وكفت لحظة عن عملها، وظللت وجوهها الملفوحة من حر الشمس بأكفها السمراء مثلها من وقدة أشعتها، لترمق الركب أعينها الطلقة، ويروح من بينها صبي قوي البدن، وإن كان أصغر سنا من أن يعالج عملا، ولكنه من فرط الخبث والنزوع إلى العبث والأذى لا ينبغي أن يترك في البيت، يتسلق جانب «السلة» التي أودع جوفها ليبقى في مأمن، وينطلق يركل بقدميه، ويصرخ من فرط الفرح، بينما يكف الحاصد عن العمل ويقف مشبوك الذراعين، لينظر إلى المركبة وهي مارقة قبالته، وتنثني الخيل التي تجر العجلات، فتنعم على خيل المركبة المطهمة بنظرات نعسانة، كأنما لسان حالها يقول في أبلغ ما يمكن أن تتحدث به نظرات حصان: «إنه لمنظر بديع حقا!» ولكن السير في رفق، فوق أرض الحقول اللينة، أفضل من هذا العدو السريع فوق أرض معفرة مثيرة الغبار على هذه الصورة.

وإذا أنت ألقيت البصر كرة أخرى إلى ركن من الطريق، رأيت النساء والأطفال قد عادوا إلى ما كانوا فيه من عمل ودأب، وألقيت الحصد قد رجع يكب على ما بين يديه، وأبصرت العجلة قد عادت الميسر، وكل شيء قد عاد إلى الحركة والنضال.

ولم يغب جلال هذا المشهد عن خاطر المستر بكوك وذهنه المتسق المنظم، ولكنه عقد العزم على كشف خبيئة الخبيث الداهية «جنجل» في أي مكان قد يعاود فيه النصب والاحتيال على الناس، وجلس في بداية الأمر صموتا مفكرا ساهما، يتدبر الوسائل التي يتسنى له بها تحقيق هدفه على أحسن وجه، فقد أخذ خاطره شيئا فشيئا ينجذب إلى المشاهد المحيطة به، حتى بدأ عندئذ يجد متعة بالغة في هذه المركبة، كأنه قد اعتزم بها الاستمتاع بأبدع نزهة.

وأنشأ يقول: «مشهد بهيج يا سام!»

ناپیژندل شوی مخ