فتمهل قليلا كأنه لم يكن ينتظر مني مثل هذا الطلب، ثم قال: والله لو كان الأمر متعلقا بي شخصيا لأجبت رغبته إرضاء لخاطرك، ولكن إن رضيت أنا، لا يرضى غيري بذلك.
فقلت له: ومن الذي يخالفك في الرأي إذا أردت شيئا؟
فأسرعت صفية هانم وقالت له: والله يا سعد لو وضعت يدك في يد عدلي، لن أكون لك زوجة بعد الذي فعله.
فقال لي: أسمعت يا سيدتي بآذانك؟
فقلت: سمعت. ولم يبق لي كلام بعد ذلك إلا أن أطلب من الله عز وجل أن يهدئ الخواطر ويهيئ ما فيه الخير.
وكان أن تركني وانصرف لمقابلة أعضاء اللجنة، وكان اللقاء بينه وبينهن ... قصة أخرى! ...
الفصل العشرون
بعد ذلك اللقاء العاصف بيني وبين سعد باشا زغلول تركني وتوجه إلى الغرفة الأخرى، لمقابلة أعضاء لجنتنا ولم يدم هذا اللقاء إلا دقائق قليلة؛ حيث أخبروني بأن السيدات قد خرجن من الغرفة ويردن الانصراف، وأن سعد باشا قد غادر المكان، وخرجت مع صفية هانم من الصالون فوجدت زميلاتي يرددن في حالة من التوتر والارتباك: «هيا بنا. مصر لها رب.»
وبعد أن سلمنا على صفية هانم وخرجنا وركبنا عرباتنا، ركبت معي مدام ويصا خياط وسيدة ثالثة لا أتذكر من هي الآن، فسألتهن عما دار بينهن وبين سعد باشا بخصوص الموضوع الذي جئنا من أجله، فأخبرنني أن سعد باشا قد دخل عليهن وهو يقول: «هل أعطيتن رشوة حتى تأتين لطلب مثل ذلك الطلب؟» فقلن له: «نحن لا نرتشي، ولو كان ذلك ما وقفنا هذا الموقف.» فقال لنا: «من هو ذا عدلي؟ الأمة كلها معي.» فردت عليه مدام خياط قائلة: «إذا كان في الأمة واحد يخالفك الرأي، فالأمة إذن ليست بالإجماع معك.» فغضب واحتد عليهن وعاد يقول: «لا بد أنهم أعطوك رشوة.» فقامت السيدات محتدات، وأرسلن إلي لكي أخرج. ورجعنا بعد ذلك إلى منزلي. وبقينا نفكر فيما نفعل مجتمعات لدرء هذا العمل المخزي، وكان التليفون يدق بين الحين والآخر؛ حيث يسأل الطلبة وبعض الأعيان عن نتيجة مقابلتنا لسعد، بعد أن سمعوا أن وفد السيدات قد توجه إليه ليطلب منه أن يحسن مقابلة عدلي باشا، ويستفسرون عما إذا كان هذا صحيحا، وماذا تم في الأمر.
وهنا، لا بد أن أعترف بأننا قد أخطأنا خطأ كبيرا عندما تسترنا على هذا الخبر ونفينا صحته، وأعتقد أننا لو كنا قد أخبرناهم بالحقيقة، لعرف الناس نية سعد باشا ولانفض من حوله كثيرون.
ناپیژندل شوی مخ