يكون ظرفا أَو ابْتِدَاء من الظّرْف أَو انْتِهَاء إِلَيْهِ فَالْأول ضَرْبَان أَحدهمَا أَن يُفِيد ذَلِك بِلَفْظ الْبَاء وَالْآخر بِلَفْظ فِي أما الأول فَقَوْل الله سُبْحَانَهُ ﴿وامسحوا برؤوسكم﴾ قَالَ قَاضِي الْقُضَاة إِن اللُّغَة تفِيد تَعْمِيم الرَّأْس لِأَن الْمسْح مُعَلّق بِمَا يُسمى رَأْسا وَجُمْلَة الرَّأْس تسمى رَأْسا دون أَبْعَاضه وَالْعرْف يَقْتَضِي إِلْحَاق الْمسْح بِالرَّأْسِ إِمَّا جَمِيعه وَإِمَّا بعضه لِأَن الْمَعْقُول من قَوْلنَا مسحت يَدي بالمنديل فِي الْعرف مَا ذَكرْنَاهُ وَعند الشَّيْخ أبي عبد الله أَن قَول الله ﴿برؤوسكم﴾ مُجمل يحْتَاج إِلَى بَيَان لِأَنَّهُ قد ترد هَذِه اللَّفْظَة وَيُرَاد بهَا الْكل وَقد ترد وَيُرَاد بهَا الْبَعْض وَالْأول مَا ذكره قَاضِي الْقُضَاة وَأما لَفظه فِي فقولنا زيد فِي الدارفيكون الدَّار ظرفا لَهُ وَقد يُقَال زيد فِي الصَّلَاة تَشْبِيها بالظرف لِأَنَّهُ لما انْقَطع إِلَى الصَّلَاة عَن غَيرهَا جرى مجْرى من انْقَطع إِلَى مَكَان دون غَيره
وَأما الِابْتِدَاء فلفظه من تَقول خرجت من الْبَصْرَة إِلَى الْكُوفَة وَقد تكون صلَة فِي الْكَلَام كَقَوْل الله سُبْحَانَهُ ﴿يغْفر لكم من ذنوبكم﴾ المُرَاد يغْفر لكم ذنوبكم وَقيل إِنَّهَا تكون للتَّبْعِيض كَقَوْل الْقَائِل أكلت من هَذَا الْخبز وَقَوْلنَا بَاب من حَدِيد وَالصَّحِيح أَن قَوْلنَا بَاب من حَدِيد يُفِيد الْجِنْس دون التَّبْعِيض لِأَنَّهُ لَو لم يكن فِي الْوُجُود حَدِيد إِلَّا ذَلِك الْبَاب لقيل بَاب من حَدِيد
وَأما الِانْتِهَاء فلفظه إِلَى تَقول سرت من الْبَصْرَة إِلَى بَغْدَاد والغاية وَالْحَد قد يدخلَانِ فِي الْخطاب وَقد لَا يدخلَانِ فِيهِ وَقَالَ أَبُو عبد الله إِن الْغَايَة لما دخلت مرّة وَلم تدخل أُخْرَى كَانَت مجملة وَالصَّحِيح أَنَّهَا لَا تفِيد الدُّخُول فِي الْخطاب لِأَن قَول الله سُبْحَانَهُ ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق﴾ يُفِيد إِيجَاب غسل الْيَد بِكَوْن نهايته الْمرَافِق وَمن غسل يَده إِلَى أول
1 / 33