وَأما الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي ينبىء عَن الْمُشَاركَة على الْجمع فَإِنَّهُ إِمَّا أَن ينبىء عَن الْمُشَاركَة فَقَط وغما أَن ينبىء عَن وَقت الْمُشَاركَة فالمنبىء عَن الْمُشَاركَة فَقَط هُوَ الْوَاو كَقَوْلِك رَأَيْت زيدا وعمرا فَيُفِيد أَنَّهُمَا اشْتَركَا فِي الرُّؤْيَة وَقد تكون الْوَاو بِمَعْنى الِاسْتِئْنَاف كَقَوْل الله سُبْحَانَهُ ﴿وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم﴾ إِذا وَقع الِابْتِدَاء بقوله والراسخون فِي الْعلم وَقيل إِنَّهَا بِمَعْنى أَو كَقَوْل الله سُبْحَانَهُ ﴿أولي أَجْنِحَة مثنى وَثَلَاث وَربَاع﴾ قيل إِن المُرَاد بِهِ أَو ثَلَاث أَو رباع وَيُمكن أَن يُقَال إِنَّمَا وضعت جملَة الْمَلَائِكَة بذلك فَاقْتضى أَن بَعضهم على الصّفة الأولى وَبَعْضهمْ على الصّفة الثَّانِيَة وَبَعْضهمْ على الصّفة الثَّالِثَة فَيكون المُرَاد بِالْوَاو الْجمع أَي أَن ذَلِك اجْتمع لجملة الْمَلَائِكَة وَأما المنبىء عَن وَقت الْمُشَاركَة فإمَّا أَن يُفِيد أَن الْمُشَاركَة حصلت فِي وَقت وَاحِد كَقَوْلِك رَأَيْت زيدا مَعَ عَمْرو وَإِمَّا أَن يُفِيد التَّقْدِيم كَقَوْلِك قبل أَو التاخر وَهَذَا إِمَّا أَن لَا يُفِيد تَقْدِير التَّأْخِير بِزَمَان أَو يُفِيد ذَلِك فَالْأول نَحْو بعد وَالثَّانِي إِمَّا أَن لَا يُفِيد تَقْدِير التَّأَخُّر بِزَمَان طَوِيل وَإِمَّا بِزَمَان قصير فَالْأول ثمَّ فَإِنَّهَا تفِيد التَّرْتِيب والتراخي وَقيل إِنَّهَا يتجوز بهَا فيستعمل بِمَعْنى الْوَاو كَقَوْل الله سُبْحَانَهُ ﴿فإلينا مرجعهم ثمَّ الله شَهِيد﴾ لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يكون شَاهدا بعد أَن لم يكن شَاهدا وَالثَّانِي الْفَاء وَذَلِكَ انها تفِيد التعقيب الْمُمكن بَين الْفِعْلَيْنِ كَقَوْلِك دخلت الْبَصْرَة فالكوفة يُفِيد أَن دخولك الْكُوفَة كَانَ بعد دخولك الْبَصْرَة بِزَمَان يسير جرت الْعَادة بِمثلِهِ وَلَيْسَ يجب أَن يكون بَينهمَا من الزَّمَان الْيَسِير مثل مَا يكون بَين لِقَاء زيد وَعَمْرو إِذا قلت لقِيت زيدا فعمرا لِأَنَّهُ يُمكن فِي هَذَا من الزَّمَان الْيَسِير مَا لَا يُمكن فِي ذَلِك
وَأما مَا ينبيء عَن تعلق بعض الْمعَانِي بِبَعْض لَا من جِهَة الْمُشَاركَة فَإِنَّهُ إِمَّا أَن
1 / 32