الشَّيْء فَدَعَاهُ بِشدَّة اهتمامه بِهِ إِلَى أَن يُبَالغ فِي وَصفه فيشبهه بِغَيْرِهِ نَحْو تسميتهم الرجل الطَّوِيل بِأَنَّهُ نَخْلَة وَلَا يجب حُصُول هَذَا الْغَرَض فِي غير النَّاس وَلكنه قَائِم فِي كل رجل وَقع الاهتمام بِهِ فَإِن قيل فقد طردتم الْمجَاز فِي نَوعه قيل إِن أُرِيد باطراده هَذَا فَذَلِك لَا نأباه فَإِن قيل فلعلهم تجوزوا بالنخلة فِي الطَّوِيل بِشَرْط كَونه من الرِّجَال فيطرد الِاسْم فِيمَا وجد فِيهِ شَرطه دون مَا عدم فِيهِ شَرطه فيتساوى الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي ذَلِك قيل هَذَا تَسْلِيم لما نريده من أَن الْمجَاز لَا يتَعَدَّى نَوعه وَإِن عللتموه بِمَا ذكرْتُمْ وَلقَائِل أَن يَقُول إِذا كَانُوا قد تجوزوا باسم النَّخْلَة فِي الرجل الطَّوِيل على طَرِيق الْمُبَالغَة فِي وَصفه بالطول لاهتمامهم فَيجب إِذا حصل هَذَا الْغَرَض فِي غَيره من الْأَجْسَام أَن يتجوزوا بِهَذَا الِاسْم فِيهِ وَفِي ذَلِك اطراد الِاسْم وَالْجَوَاب أَنه إِذا كَانَ الْغَرَض قد لَا يحصل فِي كل مَوضِع
فقد تمّ مَا أردناه من نفي وجوب اطراد الْمجَاز ﷺ َ - بَاب القَوْل فِي الْحُرُوف ﷺ َ -
اعْلَم أَن الْكَلَام لما انقسم إِلَى الِاسْم وَالْفِعْل والحرف وَكَانَ الْخطاب تَتَغَيَّر فَوَائده بالحروف الدَّاخِلَة عَلَيْهِ وَكَانَ أَكثر الْغَرَض بِهَذَا الْكتاب ذكر الْخطاب الَّذِي يسْتَدلّ بِهِ على الْأَحْكَام وَجب أَن نذْكر فِيهِ الْحُرُوف أَيْضا
فَنَقُول إِن من الْكَلم مَا يدْخل فِي الْكَلَام فيغير فَائِدَته وينبىء عَن حَال بعضه عِنْد بعض وَقد يكون ذَلِك اسْما وَقد يكون حرفا وَذَلِكَ ينبىء عَن تعلق بعض مَعَاني الْكَلَام بِبَعْض إِمَّا على سَبِيل الْمُشَاركَة أَو لَا على سَبِيل الْمُشَاركَة
فالاول إِمَّا أَن ينبىء عَن مُشَاركَة على الْبَدَل أَو على الْجمع فَالْأول لفظ أَو تَقول جَالس زيدا أَو عمرا فَتكون قد شركت بَينهمَا فِي الْجُلُوس على الْبَدَل وَقد يكون أَو بِمَعْنى الشَّك تَقول سلمت على زيد أَو عَمْرو
1 / 31