وهو إلى قدام يقاتل على دين الله من خالف الله وكفر به، هذا عملهم، وأما وعلمهم وحالهم، فكان شيخهم، وممدهم من العلم والحال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو سيد العلماء، وسيد العارفين ، وكان علم الصحابة من بحر علم الرسول صلى الله عليه وسلم ورثوا الحال من صحبته ونظره، وورثوا العلم من أقواله وأفعاله، فهم سادات الأمة، بهم نقتدي وبهم نهتدي.
أيها المنصف !! فهل كانوا كشيوخ الفقراء في زماننا?! كلا - والله - بل لو رأوهم لجاهدوهم وقاتلوهم على ما ابتدعوا في دين الله ما لم يأذن به الله، وكذلك جاء بعد الصحابة سادات التابعين وعارفوهم وعلماؤهم ، كسعيد بن المسيب ، وأصحاب ابن مسعود ، كعلقمة والأسود - من أهل البصرة - والحسن البصري وغيرهم، كان الحسن إماما في كل فن، كان قوم يأخذون عنه العربية، وقوم يأخذون عنه التفسير، وقوم الأحكام الفقهية، وقوم يأخذون عنه أحوال القلوب، فكان إذا اجتمع به أهل القلوب يخلو بهم، فلا يدع غيرهم يدخل معهم، فرأى يوما في حلقته شيخا من غيرهم، فقال: ما أجلسك عندنا يا لكع؟ إنما جلسنا مع أصحابنا نتذاكر.
وكذلك كان في كل قرن سادات من العلماء الكمل، جمعوا العلوم، والأعمال والأخلاق، والأحوال، حتى كان في المئة الرابعة، شيخ الإسلام وقدوة الأنام، أبو إسماعيل عبد الله الأنصاري الهروي بهراة ، صاحب (منازل السائرين) كان إماما في السنة والتفسير، إماما في المواجيد والأحوال رضي الله عنه ثم كان في المئة الخامسة الشيخ الإمام عبد القادر الجيلي رضي الله عنه ببغداد، كان الفقيه يأخذ عنه مدد علمه، وكان العارف يأخذ عنه مدد عرفانه، فهؤلاء العلماء الكمل رضي الله عنهم.
الثاني : عالم بأمر الله تعالى، وليس عالما بالله، وهم الفقهاء، ويعرفون أمر الله نهيه ، ولم تتصل قلوبهم بالله اتصال المحبة التامة ، بكمال الزهد في الدنيا والمناصب.
الثالث: عالم بالله تعالى، وليس عالما بامره، وهم العارفون الأميون، أحدهم له نصيب من الله عز وجل في قلبه، ولا يعرف تفاصيل الأمر والنهي، فهو صحيح بشرط ألا
مخ ۲۳۵