اعلم أن المشايخ في زماننا ثلاثة : شيخ علم، وهو الفقيه، وشيخ سلوك، وهو الصوفي، وشيخ عامة، وهو شيخ الفقراء، ولا بد لهم من ميزان تعرف به جادة طريق المستقيم منهم والمنحرف ، ومن الذي يتعين اتباعه منهم ، والذي يجب اجتنابه والتباعد عنه منهم، وبالله التوفيق ، ونسأله أن يرينا الحق حقا ويعيننا على اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويعيننا على اجتنابه.
الفصل الأول في بيان استقامة طريق شيخ العلم من انحرافه
(العلماء ورثة الأنبياء، لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر) ، كذا جاء في الحديث ، وقال الله تعالى : ( وقال الذين أوتوا العلم والإيمان ) فالعلم الكامل هو اسم يدخل تحته كل فضيلة تتعلق بالدين الظاهر ، أو بالحال الباطن، علما وعملا وخلقا وحالا، قال الله تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء ) فقد نبه على أن الخشية من الله تعالى ميزان العلم ، أي العلم به، وبأمره، ونهيه.
فانقسم العلماء ثلاثة أقسام:[ الأول ] عالم بالله عز و جل، وعالم بدينه، وهو العالم الكامل الجامع ، الذي علمه وحاله قوت ومادة لكل مؤمن، ومسلم، وصديق، ومثالهم في الأمة كأبي بكر، وعمر، وبقية العشرة، وعلماء الصحابة وفقهائهم، أهل العلم الشرعي ، والعمل الموفي به ، والعلم اللدني ، جمعوا كل فضيلة من علم وعمل، وخلق وحال رضي الله عنهم فهم كانوا أعمق الناس علوما، وأصحهم أعمالا، وأكملهم أحوالا.
كانوا متبعين لأمر الله تعالى في الظاهر مجتنبين لنهيه ، عالمين يأمره ونهيه ، يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم. يبذل أحدهم نفسه لله، يرى دماءه تسيل
مخ ۲۳۴