يخرج من معرفته إلى بدعة ، لم يسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلامة استقامة طريق شيخ العلم في زماننا أن يكون عارفا بكتاب الله عز وجل، عالما بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، عالما بفروع الأحكام، ورد الحوادث إلى الأصول، يقيم برهان ذلك إذا سئل عند النازلة، فيدل عليه من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يكون مع ذلك عاملا بعلمه، لا يجري على ظاهره من الأقوال والأفعال ما يخالف علمه، وأن يكون حريصا على الأمر بالمعروف ، مهتما به ، يصبح مهتما بإقامة أمر الله ، ويمسي به مهتما ، حريصا على النهي عن المنكر ، لا يدع فيه ممكنا ، يبذل فيه ما أمكنه من ماله وجاهه ، يتآلف الناس بماله وخلقه على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يكون زاهدا في المناصب، وفضول الدنيا تطلبه ولا يطلبها، وتأتيه ولا يأتيها، وأن يكون مجانبا للدخول على الملوك والأمراء الظلمة، فلا يدخل عليهم لطلب مال ولا جاه، يدخل عليهم ليأمرهم بالحق والعدل، ويعلمهم أمر الله ونهيه، وينهاهم عن البغي والظلم والإثم والعدوان، يدخل عليهم ليستضيئوا بعلمه ونوره في ظلمات حوادثهم، فهذا الدخول عليهم قد يكون واجبا عليه تارة، وأخرى مستحبا، وأن لا يداهنهم، ولا يدخل معهم في أغراضهم الفاسدة، ولا يفتيهم بما يأكلون من أموال الناس بالباطل، فيقلدونه فيها، فيدخل معهم بالتأويلات الفاسدة لينال من جاههم ومالهم، فيكون جسرا لهم يعبرون على رقبته إلى النار، وأن يكون من أهل الحديث والسنة، مجانبا للكلام والمنطق وأهله، عقيدته عقيدة أهل الحديث والأثر، لا عقيدة أهل الكلام والآراء الفاسدة، وأن يكون ورعا في منطقه، فلا يتكلم بما لا يعلمه، وإن سئل عما لا يعلم يقول: الله أعلم. ورعا في مأكله وملبسه، يكون له معيشة يستغني بها عن الناس، لا يقبل الهدية من مستفت يستفتيه، غرضه أن يفتيه في تحريم حلال، أو تحليل حر ام على وفق غرضه، وأن يكون أعف الناس وأعقلهم، فمن قل عقله لا يؤمن في علمه من الخطأ، وسوء الرأي، وأن يكون ظاهر المروءة، له مع ربه في خلواته عبارات وأوراد ، تعامله يظهر أنوار المعاملة على وجهه، ويظهر السكينة على منطقه وعمله، قليل الانبساط، ضحكه تبسم، مستعمل الأخلاق من الحلم، والصبر، والتواضع مع
مخ ۲۳۶