مصر په د نهیم پېړۍ پیل کې
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
ژانرونه
وقد فطن «مسيت» إلى الغرض الذي استهدفه «فريزر» من رسالته هذه إليه، وأدرك هو الآخر خطورة المسئولية، ثم خطورة موقفه إذا وقعت عليه هو تبعة الهزيمة، ثم راعه - إلى جانب هذا - ألا يرى «فريزر» مخرجا من مأزقه سوى ترك البلاد والجلاء عن الإسكندرية كلية؛ أي تحطيم ذلك المشروع الذي سيطر على ذهن «مسيت»، وملك عليه قلبه ولبه، والذي أراد به - على نحو ما ذكرنا مرارا - احتلال البريطانيين لمصر، وتأسيس حكومة مملوكية خاضعة لحمايتهم، بعد طرد محمد علي والأرنئود منها؛ وعلى ذلك فقد راح «مسيت» في الأيام التالية ينفي عن نفسه مسئولية الهزيمة، ويبسط الأسباب التي أفضت - في نظره - إلى فشل العمليات العسكرية ضد رشيد، ويحاول بكل ما وسعه من جهد وحيلة إقناع «فريزر»، وإقناع الحكومة الإنجليزية خصوصا بضرورة البقاء في البلاد، أو على الأقل الاحتفاظ بالإسكندرية، وتلقي دعاوى «مسيت» وحججه ضوءا كثيرا على أسباب الفشل الذي مني به الإنجليز في محاولتهم الثانية ضد رشيد.
فإنه ما إن وصل «مسيت» يوم 22 أبريل بالإسكندرية خطاب «فريزر» حتى بادر بالرد عليه في التو والساعة في دفاع طويل استهله بدهشته الكبيرة من أنه قد جعل مسئولا عن فشل الجيش البريطاني في هذه البلاد، ثم استطرد يقول: «لقد أوصيت فعلا بمهاجمة رشيد، واحتلال الرحمانية؛ لأنه بدون رشيد والرحمانية تظل الإسكندرية محرومة من بعض ضرورات الحياة، ولكنه لم يخطر لي بتاتا الاجتراء على اقتراح الطريقة التي ينبغي أن يحصل بها هذا الهجوم، وسوف يدهش العالم أجمع عند سماعه أن جيشا أوروبيا قد عجز عن أخذ بلدة مثل رشيد، لقد أوصيت بالهجوم عليها أولا يوم 20 من الشهر السابق (مارس)، عندما كانت تتألف حاميتها من 250 رجلا فحسب، ثم إني عدت فأوصيت بذلك مرة أخرى كتابة يوم 23 مارس عندما كان لا يزيد عدد حاميتها على 550 رجلا، ولكن هذه التوصية لم يعمل بها إلا يوم 29 مارس، ثم إنه عند العمل بها، لم يزود الجند إلا بمؤن تكفيهم لمدة يومين فقط، ولا يحدوني إلى ذكر ذلك شيء، غير ما نما إلي من أن أولئك الذين أصدروا الأمر بالقهقرى من رشيد يوم 31 مارس يحتجون لتسويغ مسلكهم بأن الجند لم يكونوا بالمؤن الكافية لعيشهم، ولقد أوصيت فعلا مرة أخرى بمهاجمة رشيد على أمل استرداد سمعة الجيش البريطاني، ونفوذنا في البلاد، وهو نفوذ كان قد تأثر بدرجة كبيرة من جراء ما لحق بنا من محاولتنا الفاشلة ضد مكان مثل رشيد، ولكنه مع أن غرض هذه الحملة الثانية كان ضرب هذه المدينة بالمدافع وهدمها، فإن وسائل ما لم تهيأ لنقل الذخائر من إدكو إلى رشيد، حتى إنه لكان قد امتنع على البريجادير جنرال «ستيوارت» ولم يكن في مقدوره تنفيذ أوامركم من مبدأ الأمر لو أنه لم ير من الحكمة أن يأخذ على عاتقه ترك عتاد المعسكر خلفه، وأن يستخدم ما لدى إدارة مهمات الجيش من جمال لنقل الذخائر.
لقد قلت، ولا أتردد في تكرار القول بأن سكان مصر أصدقاء للإنجليز، وأنهم يتوقعون التحرر من نير الأتراك والأرنئود، ولكنني لم أعط سببا واحدا لأي إنسان يخوله أن يستخلص من ذلك أن هؤلاء سوف يسلحون أنفسهم وينضمون إلى الجيش البريطاني، وأما أنهم يكنون عواطف طيبة لنا فينهض دليلا عليه مبادرة الإسكندريين بعرض تسليم مدينتهم بمجرد أن صار في وسعهم العمل وفق رغباتهم، وثمة دليل آخر هو ما يأتي به أهل الجهات المجاورة يوميا من مؤن وإمدادات إلى الإسكندرية وإلى الجند أمام رشيد.
وميل العربان البدو للنهب والسلب أمر معروف جيدا من قديم الزمن، حتى إني لأعجب من أن تكون هناك ضرورة لإعطاء أية معلومات خاصة عن هذا الموضوع سلفا أو أن يطلب من أحد إعطاؤها، ومع ذلك، فلو أن إدارات هذا الجيش المختلفة كانت قد ضمت إليها بعض الضباط الذين خدموا في الحملة الأولى ضد مصر - ويقصد «مسيت» الحملة التي أرسلت لطرد الفرنسيين من مصر عام 1801 - لأفاد الجيش - كما هو في وسعي أن أقوله بحرية تامة - من مثل هذه التعيينات منافع عظيمة، ولتسنى اجتناب حادثات من طراز ما وقع في الجهة المقابلة لقيروان سراي، ومن الواجب أن يظل موضع الأسف دائما أن تخلو هيئة قيادة هذا الجيش حتى من فرد واحد له أي إلمام بالحالة العسكرية أو السياسية في مصر.
ولقد ذكرت في خطابي بتاريخ 20 الجاري إلى الكولونيل «أيري»
Airey
أنه ليس لدي ما أعلل به تأخر المماليك سوى افتراض سماعهم بتقهقرنا من رشيد، أو أنهم آثروا الانتظار حتى يتعرفوا إلى نوايا القائد البريطاني الأعلى، قبل أن يتركوا أملاكهم في الصعيد، وحيث إن من صالحهم - كما هو واضح - الاتحاد معنا، فإني لا أزال أميل للاعتقاد بأنهم سوف ينفذون في آخر الأمر تلك العروض التي تضمنتها خطاباتهم الأخيرة لكم ولي، ولو أنه جاءني قبلا ما يفيد بأن العزم منعقد على إرسال حملة إلى هذه البلاد، لكنت قد بذلت قصارى جهدي لإقناع البكوات، ولدي من الأسباب ما يجعلني لا أتوقع خيبة الرجاء عندئذ بالنزول من الصعيد إلى الوجه البحري، حيث كان من الممكن أن يتم تهيؤهم به للتعاون مع الجنود الذين تحت قيادتكم، ولكنه حتى مجيء المركب «ويزارد» إلى الإسكندرية في 13 مارس لم أكن أعلم بصورة محققة - ولو أني كنت أرجو - أن الحكومة الإنجليزية تريد احتلال الإسكندرية، ومن غير التأكد من هذا لم يكن في وسعي أن آخذ على عاتقي دعوة المماليك لمغادرة الصعيد.»
تلك إذن كانت الدعاوى التي استند عليها «مسيت» في الدفاع عن نفسه، على أن الأمر الذي روعه حقا، كان ما اتضح له من رسالة «فريزر»، من تفكير هذا الأخير في الجلاء عن الإسكندرية، مما يتعارض - كما قدمنا - مع مشروعات «مسيت»، الأمر الذي جعل هذا الأخير في القسم الباقي من رسالته إلى «فريزر»، يحاول جهده لاقتلاع هذه الفكرة من ذهنه بتقديم الأدلة والدعاوى التي هدف من سوقها إثناء «فريزر» عن عزمه، فقال: «وحيث إن الجنرال «ستيوارت» قد أرغم على رفع الحصار عن رشيد، فإني أستخلص من قراءة الفقرة الأخيرة التي جاءت في خطابكم، أنكم تنوون إخلاء مصر كلية، ولا شك في أنكم قد أخذتم بعين الاعتبار عند الوصول إلى هذا القرار النتائج المترتبة على اتخاذ مثل هذه الخطوة، وعبء المسئولية الثقيل المتصل بها، وقدرتم ذلك كله حق قدره، ولا يمكن بحال أن يغيب عنكم مبلغ الاهتمام النشيط الذي لبريطانيا العظمى بهذه البلاد، والقلق الذي يستبد بحكومة جلالة الملك، وخشيتها من سقوط هذا الموقع الذي هو بمثابة المفتاح لممتلكاتنا في الهند الشرقية في أيدي الفرنسيين، وأنتم أقدر مني على معرفة ما قد يكلفه من رجال استرجاع المركز الذي لنا الآن، ولا شك أيضا في أن حامية قوية من الأرنئود سوف تحتل الإسكندرية بمجرد أن يغادرها الجنود البريطانيون، وأن تحصينات هذه المدينة سوف يجري فورا ترميمها، وربما قام بذلك مهندسون فرنسيون.
وأما فيما يتعلق بالبأساء التي سوف يتعرض لها سكان هذه المدينة بسبب الحاجة إلى المؤن، فإن هؤلاء سوف يعتبرونها من ضروب الحرمان الطفيف، إذا قيست هذه بما سوف يلقونه من عدوان فظيع عليهم من جانب عصابات مسلحة استفزها الغضب الشديد من منع الإسكندريين لهم من دخول مدينتهم في نفس اليوم الذي شوهد فيه من هذا الميناء الأسطول البريطاني، علاوة على أن تركهم يقعون فريسة للظلم العاتي وصمة عار تلطخ الخلق البريطاني إلى الأبد.
واسمح لي يا سيدي - أن أذكر لك أن الفرنسيين تحملوا وهم بهذه المدينة حصارا استطال خمسة شهور - (ويشير «مسيت» هنا إلى الحصار الذي ضرب على «منو» بها عام 1801) وذلك في ظروف أسوأ بكثير من تلك التي يجد فيها الآن الجيش البريطاني نفسه؛ لأن الفرنسيين لم تكن لهم السيطرة في البحر، ولو لم يكن الرفض نصيب المذكرات التي قدمها السيد «بريجز» وقدمتها أن كذلك بتاريخ 27 مارس إليكم وإلى السير «جون داكويرث» لكانت عدة سفن في طريقها الآن إلى هذا الميناء تحمل أصنافا منوعة من المؤن، حقيقة لا توجد غلال بالإسكندرية ولكن هناك كميات وافرة من الأرز، ومن الممكن عند تشجيع العرب بالوسائل المناسبة إغراء هؤلاء بإحضار قدر معين من القمح والشعير إلى سوق الإسكندرية، ومن الممكن كذلك أن تأتي سفن اليونان بالوقود والنبيذ والزيوت من جزر بحر الأرخبيل وساحل القرمان بالأناضول بالكميات الكافية لسد حاجة الجيش والبحرية وسكان الإسكندرية، وذلك حتى تصلك النجدات التي تمكنك من استئناف القتال مرة أخرى.»
ناپیژندل شوی مخ