189

مصر په د نهیم پېړۍ پیل کې

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

ژانرونه

وفي 15 أبريل وضع الأرنئود مدفعين على الشاطئ الأيمن للنيل، أزعجا إزعاجا كبيرا ميمنة الإنجليز، فتولى الميجور «ماكدونالد» في اليوم التالي إسكاتهما بعد أن عبر النهر ومعه 50 جنديا من ناحية جامع أبي منضور ، واستخدم المدفعين في ضرب رشيد، ولكنه اضطر إلى التقهقر أمام النجدات التي جاء بها الأرنئود إلى هذا الموقع، وعبر النهر ثانية في ارتداده إلى المعسكر تحت وابل من نيران العدو.

وفي 16 أبريل حصلت مناوشات مستمرة بين الأرنئود والإنجليز، وحرص الأولون دائما على عدم الابتعاد من أسوار المدينة، وتفادي الالتحام مع الإنجليز في معركة في السهل، وبلغ «ستيوارت» من «فريزر» أن المماليك لا يزالون يقتربون من خطوط الإنجليز، وقد وجد «ستيوارت» ما يؤيد هذا النبأ، مما ذكره له جواسيسه الذين أرسلهم لتقصي حركات المماليك، فقال بعضهم إن هؤلاء في طرانة وقال البعض الآخر: إنهم في علقام، وكان بناء على هذه المعلومات الخاطئة والمضللة أن اعتقد «ستيوارت» بضرورة المثابرة على نظام هجومه الراهن، ومع أنه كان قد بلغه أن قوات العدو بداخل رشيد لا تزيد على ثلاثمائة فارس، وثمانمائة من الأرنئود وحوالي الألف من سكان رشيد المسلحين، فقد اعتبر أن محاولة القيام بالهجوم العنيف لاقتحام المدينة إجراء غير حكيم؛ بسبب امتداد خطوطه وطبيعة تشكليها الشاذة، وكتب إلى «فريزر» في 18 أبريل: إن نجاح قواته يتوقف على مجيء المماليك الذين يتسنى بالاشتراك معهم قذف قوات على الشاطئ المقابل للنيل فورا، الأمر الذي يستحيل فعله الآن؛ لأن العدو قوي بسبب ما لديه من فرسان، بينما لا يوجد فرسان ما لدى «ستيوارت»، والفرسان هم السلاح الملائم للعمليات العسكرية في أرض الدلتا، ثم راح «ستيوارت» في رسالته هذه يؤكد أهمية موقع الحماد حيث إنه من المنتظر اقتراب أصدقائنا المماليك من خطوط الإنجليز، وأما عدد إصابات الإنجليز حتى هذا التاريخ كما ذكرها «ستيوارت» فقد كانت ستة قتلى، وسبعين جرحى، من بينهم «ستيوارت» نفسه.

وفي 16 أبريل فر اثنان من آلاي رول من موقع الحماد، فتعهد أحد مشايخ العرب - الشيخ محمود وكان قد اتصل بأمير البحر «نلسن» في الماضي - بإحضارهما، وأحضرهما فعلا بعض رجال قبيلته إلى «ديبي»، وجرت محاكمتهما بعد ذلك، وفي 17 أبريل وقع في قبضة الإنجليز بالقرب من الحماد خمسة وعشرون من الفلاحين أو العرب والترك، انفصلوا من الجيش الذي أرسله محمد علي من القاهرة بقيادة حسن باشا و«طبوز أوغلي»، وقد أسرهم الإنجليز في الطريق بين إدكو وبين خطوطهم، واعتقد فريق أن غرضهم مجرد النهب والسلب؛ لأنهم كانوا قد قتلوا رئيسهم، واعتقد فريق آخر أنهم كانوا يحاولون قطع المواصلات لمنع وصول الإمدادات من القاعدة أو المخزن على طرف بحيرة إدكو إلى مراكز الإنجليز عند رشيد أو الحماد.

ثم بعث «ستيوارت» في 17 أبريل بالكولونيل «أسوالد» لفحص موقع الحماد ووضع تقرير عن الحالة به، فوجد هذا الأخير أن «فوجلسانج» قد تترس على اليسار في مركز مأمون، وبذل قصارى جهده للاستفادة بقدر طاقته من موقع سيئ، بينما اتخذ أحد ضباطه الميجور «موهر»

Mohr

مكانه وسط الخط، ووجد «أسوالد» أن شاطئي القناة التي سبق وصفها يتساويان في الارتفاع، بحيث إذا احتل العدو أحدهما تعذر تسليط النار عليه من مرتفع أعلى، كما وجد مكشوفا المدفع الذي يعتمد عليه «موهر» في الدفاع عن وسط القرية، فضلا عن أن يمين الخط كان مكشوفا كذلك، ثم إنه كان هناك ثغرات كثيرة من ناحية شاطئ بحيرة إدكو، يستطيع العدو المرور منها، والاستدارة خلف القرية، وكان الرجاء الوحيد في إمكان الدفاع عن موقع الحماد من هذه الناحية معقودا على تعذر مرور فرسان العدو أثناء الليل بسبب وجود الشقوق الكثيرة في أرض هذه الجهة، بينما تمكن رؤية العدو أثناء النهار عند زحفه من مسافة بعيدة بحيث يتسنى للجنود التأهب لملاقاته بوقت كاف يمكنها من مغادرة هذا الخط الطويل والغادر وتركيز المدفعية وجمعها في بقعة معينة يصلون بها العدو من هذه البقعة نارا حامية، وتوقع الإنجليز عندئذ الانتصار على العدو بسهولة؛ لاعتقادهم أنهم سوف يواجهون جنودا غير نظاميين فحسب، وأبلغ «أسوالد» في تقريره أنه من المستطاع الاحتفاظ بخط الحماد ضد هجمات مبعثرة، وغير منسقة تقوم ، بها حفنة من البدو والعرب، ولكنه لا يمكن الاحتفاظ به إذا وقع عليه هجوم من جانب قوات من الفرسان المشاة تعمل متحدة ضده، وقد أثبتت الحوادث صحة ما ذهب إليه «أسوالد» ولكن شيئا لم يحدث لا لتعزيز خط الحماد ولا لسحب القوات التي به، وضمها إلى قسم الجيش الرئيسي المحاصر لرشيد، وكان مبعث ذلك قلة ما لدى «ستيوارت» من جند يمكن فصل قسم منهم لنجدة «فوجلسانج»، ولاعتقاد الإنجليز أن قوات غير نظامية فحسب هي التي سوف يجلبها العدو لمهاجمة الحماد، ولرسوخ الاعتقاد من ناحية أخرى بأن المماليك مع فرسانهم سوف ينضمون قريبا إليهم فيعززون بحضورهم موقعي الحماد ورشيد على السواء؛ وعلى ذلك فقد انقضى يوم 18 أبريل دون إجراء أي تغيير، ولو أن حامية رشيد ظلت النجدات من الأرنئود تأتيها يوميا، وتحتفل الحامية عند وصولهم بإطلاق الرصاص.

موقف المماليك

وكان في يوم 18 أبريل أن بدأ الإنجليز يشكون في صحة الأخبار التي بلغتهم عن تقدم المماليك في زحفهم، وقرب انضمامهم إليهم، وقلت أحاديث العربان وغيرهم ممن كانوا يأتون بسلعهم من مؤن وغيرها لبيعها في معسكر رشيد على المماليك، وصاروا لا يؤكدون الآن قرب وصولهم، على خلاف ما جروا عليه في أحاديثهم قبل ذلك، بل إن عدد هؤلاء العربان لم يلبث أن قل بدرجة ملموسة، وصار لا يزدحم السوق بهم كما كان الحال في الماضي، وكان عندئذ أن بعث «ستيوارت» إلى «فريزر» بتلك الرسالة التي يعترف فيها بأن النجاح متوقف على حضور المماليك، فإنه لما كان قد نبذ فكرة القيام بهجوم لاقتحام رشيد عنوة كإجراء غير حكيم، ولا يزال يصدق أن المماليك في طريقهم إليه، وأنهم سوف ينضمون إلى قواته قريبا، بينما صارت تأتي النجدات تباعا لحامية رشيد، فقد جعل كل اعتماده في إمكان تطويق رشيد وإخضاعها على وصول البكوات المماليك.

على أن البكوات منذ أن بعثوا بكتبهم المؤرخة في أول أبريل يذكرون للميجور «مسيت» وللجنرال «فريزر» أنهم نازلون إلى الجيزة، قد لزموا الصمت، حتى إن «فريزر» اضطر إلى الكتابة إلى إبراهيم بك في 11 أبريل كي يزيل ما خلفته هزيمة حملته الأولى ضد رشيد من أثر في نفوسهم، وحتى تقوى ميولهم الودية نحو الإنجليز، فبعث إليه من سفينة القيادة «كانوب» في خليج أبي قير برسالة جاء فيها أنه قد سره تسلم كتاب إبراهيم بك الذي أكد فيه الأخير محبته للإنجليز، واستعداده للتفاهم معهم، ثم استطرد «فريزر» يقول: «إن غرض بريطانيا العظمى من إرسال أسطول إلى هذه الجهات، ليس الاستيلاء على مصر، وإنما لبسط الهدوء والاستقرار بها، ولمساعدة أصدقائها، ولما كان جلالة ملك بريطانيا يخشى من أن يعطي الباب العالي هذه البلاد للفرنسيين فقد أمر «فريزر» بالمجيء إليها حالا مع جند وجيش»، وينتظر «فريزر» وصول قوات أخرى من صقلية ومالطة، وبمجرد أن يضع الإنجليز أيديهم على النيل يشرعون في إسداء المعاونة المطلوبة إلى إبراهيم، ثم إن «فريزر» طلب إلى إبراهيم أن يبعث بخمسة أو ستة من الصناجق البكوات إلى جهات البحيرة والمنوفية وفوة حتى يمنعوا المرور على الأرنئود الذين هم برشيد الآن، والذين يخشى «فريزر» أن يسيروا في الليل إلى القاهرة، وقد استند «فريزر» في رجائه هذا على عدم وجود الوقت لديه لشراء الخيول اللازمة لجنوده الفرسان، فيستطيع فرسان المماليك إذن القيام بهذه المهمة، وقد اختتم «فريزر» رسالته هذه بأمرين: أولهما: التأكيد مرة أخرى بأنه لم يحضر للاستيلاء على مصر، ولكن لمساعدة أصدقاء إنجلترة، وثانيهما: إظهار أمله الوطيد في أن كل هذه الجهود التي يبذلها الإنجليز سوف تكلل بالنجاح.

ولم يجب البكوات على رسالة «فريزر» هذه إلا بعد عشرة أيام، وعندما فعلوا ذلك كان الانقسام لا يزال سائدا في صفوفهم - آفتهم القديمة والمزمنة - وكان من الواضح أنهم متأثرون علاوة على ذلك بهزيمة الإنجليز السابقة في رشيد، وأنهم لن يحركوا ساكنا، إلا إذا تأكد لديهم أن «فريزر» قد استولى فعلا على رشيد، وهزم جيش محمد علي، وكان العذر الذي انتحلوه لعدم حركتهم هو خوفهم من انتقام الباشا من أسراتهم الموجودة بالقاهرة، إذا ظهر من جانبهم أنهم يريدون الاشتراك مع الإنجليز في الحرب ضده، وقبل أن يكون هؤلاء الأخيرون قد نجحوا في الزحف على القاهرة حتى صاروا على أبوابها، الأمر القمين وحده بمنع محمد علي من إلحاق الأذى بأسرات البكوات بها، وحقيقة الأمر أنه كان هناك اختلاف جوهري بين وجهتي نظر البكوات والإنجليز في مسألة التعاون العسكري المنشود؛ وذلك لأن الأولين بنوا كل خططهم على نيل مؤازرة الإنجليز العسكرية لهم أولا، بعد أن يكون هؤلاء قد تحملوا عبء الحرب في أشد أدوارها صرامة، وتكللت عملياتهم العسكرية بالنجاح فعلا، فلا يكون على البكوات عندئذ سوى جني ثمار هذا الانتصار، ودون بذل أية تضحيات من جانبهم، وكان من أهم بواعث تمسكهم بوجهة النظر هذه عجزهم عن توحيد صفوفهم للقيام بأي عمل حاسم بالاتحاد فيما بينهم للأسباب التي سبقت الإشارة إليها كثيرا، وأما الإنجليز فقد كانوا يعتمدون منذ قدوم حملتهم إلى هذه البلاد - كما رأينا - على نجدة البكوات لهم، وإمدادهم بفرسانهم على وجه الخصوص لسد هذا النقص في قواتهم، ويبنون خططهم على اشتراك المماليك في عملياتهم العسكرية اشتراكا جديا، وتوقف نجاح عملياتهم هذه على حضور المماليك من الصعيد، وانضمامهم إلى صفوفهم، ولا جدال في أن عدم مجيء المماليك لنجدتهم كان من أهم العوامل الحاسمة في هزيمة حملتهم، ويتضح مدى الاختلاف الواقع بين وجهتي نظر الإنجليز والبكوات في هذه المسألة من الجواب الذي بعث به إبراهيم بك على طلب «فريزر» الخاص بأولئك الخمسة أو الستة من الصناجق الذين أراد حضورهم مع أتباعهم، كما يتضح الأثر الذي أحدثه انقسام البكوات في تعطيل حركتهم فيما كتبه شاهين الألفي إلى «مسيت» من بني سويف.

ناپیژندل شوی مخ