مصر په د نهیم پېړۍ پیل کې

محمد فؤاد شکری d. 1392 AH
188

مصر په د نهیم پېړۍ پیل کې

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

ژانرونه

ولكن «ستيوارت» سرعان ما اتضح له بسبب اتساع مدينة رشيد أنه لن يستطيع بالقوات التي لديه ضرب الحصار على أكثر من نصف المدينة، وقام العدو بخروج قوي بعد ظهر اليوم نفسه، أثبت للقائد الإنجليزي أن توزيع قواته في خط متسع يعرضها لخطر محقق، وعلى ذلك فقد جمع الإنجليز قواتهم في خط يمتد من النيل إلى باب الإسكندرية الموصل إلى وسط رشيد ثم ينحرف من هذه المنطقة في اتجاه السهل إلى اليسار، حيث اتخذ جنود الفرسان مواقفهم، وبدأ ضرب المدفعية على المدينة بعد ظهر هذا اليوم (7 أبريل)، وجاوب الأرنئود بإطلاق وابل من الرصاص من الطيقان والثغرات الكثيرة في الأسوار، ثم استؤنف الضرب على رشيد صباح اليوم التالي، وخرجت كوكبة من فرسان العدو ومشاته تريد مناوشة الإنجليز، وكلف «ماكدونالد» و«ديلانسي» بالاشتباك معها، بينما حاول «أسوالد» وضع بعض السريات خلف العدو لقطع خط الرجعة عليه، ولكن الأرنئود الذين راقبوا عمليات الإنجليز من منائر الجوامع والمباني العالية في المدينة، فطنوا إلى مقصد هؤلاء، فشددوا الضرب عليهم، واستطاع فرسانهم الارتداد إلى داخل المدينة دون أن يتمكن الإنجليز من مطاردتهم، وأمام الضرب المتصل من الأسوار وعلى مسافة قريبة، لم يعد هناك مناص من تقهقر الإنجليز، وتكبد هؤلاء خسائر، وكان أثناء ما جرى من عمليات أخرى بعد ظهر اليوم نفسه أن أصيب «ستيوارت» بجرح في ذراعه.

ثم إنه كان قد تقرر بمجرد استئناف الضرب في هذا اليوم (8 أبريل) أن يدعى حاكم رشيد علي بك السنانكلي إلى تسليم المدينة، وأن تبذل الجهود في الوقت نفسه لإغراء الأرنئود بالتسليم السريع لقاء شروط طيبة يحصلون عليها إذا هم فعلوا ذلك وجلبوا عليهم رضاء الإنجليز ثم إقناعهم بأن هذا التسليم في صالحهم كثيرا، حيث من المتوقع أن يصل المماليك قريبا جدا، ويتعذر بعد وصول هؤلاء أن تؤخذ المصالح الفردية بعين الاعتبار، وجرى البحث عن رسول يتطوع لحمل الرسالة المزمع إرسالها؛ لأنه كان يخشى من أن يتعرض هذا الرسول للأذى على أيدي الأرنئود الذين لم يثق الإنجليز في احترامهم لراية الهدنة أو أنهم لا يقتلون حاملها، فتقدم شيخ أبو منضور وهو شيخ مسن للقيام بهذه المهمة؛ وعلى ذلك، فقد بعث به «ستيوارت» بالاتفاق مع «هالويل» وتطبيقا لتعليمات الجنرال «فريزر» - كما كتب «ستيوارت» بعد ذلك - إلى حاكم رشيد يدعوه إلى التسليم، كما حمل الشيخ نداء إلى سكان المدينة، وأوقف ضرب النار من الجانبين، ولكن الشيخ عاد بجواب علي بك السنانكلي الذي قال: إنه كالجنرال «ستيوارت» يتلقى أوامره من رؤسائه؛ ولذلك فهو يقترح هدنة ووقف القتال حتى يحصل من رئيسه على جواب، ويطلب ردا من الإنجليز على مقترحه هذا، ولكن «ستيوارت» رفض الهدنة؛ لأنه لم يكن من الحكمة - كما قال - إجابة علي بك إلى طلبه.

وكانت مسألة احتلال الحماد والاحتفاظ بها موضع اهتمام كبير من جانب القواد الإنجليز الذين اعتبروا الحماد موقعا عظيم الأهمية للاعتبارات التي سبق ذكرها، وإن كانت الحوادث قد دلت على أن هذا الموقع لا يفي بالغرض المقصود من احتلاله، فضلا عن أن هذه الحوادث قد دلت كذلك على أن عمليات حصار رشيد القائمة على ضربها بالمدافع، ومحاولة التضييق عليها فحسب، لا يمكن أن تسفر عن نتيجة، وكان السبب الذي دعا «ستيوارت» أن يصمم على أخذ الحماد والتمسك بها أن أدلاء الحملة - «تابرنا» والشيخ مسعود خصوصا - ثم «ماكليود» نفسه اعتقدوا أنه يسهل الاحتفاظ بها والدفاع عنها ضد قوات العدو التي قيل في هذا الوقت إنها سوف تكون من الفرسان غير النظاميين فقط، زد على ذلك أنه لما صار ضروريا أن تأتي الإمدادات إلى الجيش بطريق بحيرة إدكو بسبب الترتيبات التي سبق ذكرها، فقد رأى «ستيوارت» أنه لا ندحة له عن احتلال الحماد حتى ولو كان موقعها أقل ملاءمة مما هو عليه فعلا؛ لأنه إذا لم يفعل هذا صار لزاما عليه فصل بعض القوات دائما من الجيش الرئيسي أمام رشيد لحراسة الإمدادات من الذخائر وما إليها عند إحضارها من البحيرة، وهذا غير ما يتعرض له الجند من إرهاق مستمر بسبب مناوشات العدو لهم في مؤخرتهم وعلى جناحهم إذا لم يكن لهم موقع لحمايتهم من هذه النواحي.

ولكن اختيار الحماد بالذات لتكون هذا الموقع الذي يحمي الجيش، ويؤمن خطوط مواصلاته مع بحيرة إدكو لم يكن اختيارا موفقا؛ لأن الحماد كانت تقوم في بقعة من قاع جاف لبقايا تلك القناة التي تؤلف بينها وبين طرف بحيرة إدكو إلى اليسار وثنية النيل إلى اليمين ذلك البرزخ الذي سبق الكلام عنه، ثم إن القناة تجري تقريبا في زاوية قائمة من النيل صوب بحيرة إدكو، وضفتاها متساويتا الارتفاع، ثم إنهما لما كانا يمتدان من النهر نحو ثلثي المسافة عبر البرزخ فقد وقف امتداد الضفتين على مسافة نصف ميل تقريبا من البحيرة، وصارت هناك ثغرة لذلك على طرف القناة الأيسر، يزيد في اتساعها انحسار المياه في هذا الفصل تدريجيا عند طرف البحيرة بصورة تركت معها شاطئا أرضه صلدة، وتصلح لعمليات الفرنسان الذين يستطيعون لذلك الاستدارة حول موقع الحماد، كيفما شاءوا، زد على ذلك أن الحماد تقع في الوسط تقريبا بين شاطئ النيل والبحيرة وأمامها شاطئ القناة، ويفصل بينها وبين هذين الشاطئين ممر متسع، وتوجد ممرات أخرى عديدة يستطيع الفرسان استخدامها، ثم إنه بمجرد أن يصل العدو إلى شاطئ النيل الأيسر، يصبح على قدم المساواة عند هجومه على الحماد مع المدافعين عنها، فكل قسم من القرية معرض لضرب المدافع، ومن الممكن الالتفاف حولها بسهولة، ويفصل بين الحماد ورشيد وبعض المرتفعات عند أبي منضور ثم بين هذه وبين رشيد وهي مرتفعات لا تعطي أية سيطرة على مدينة رشيد ذاتها خلافا للفكرة التي سادت في أذهان قواد الحملة، بناء على المعلومات التي كانت قد وصلتهم؛ لأنه حتى يمكن إحراز هذه السيطرة كان من الضروري احتلال التلال أو المرتفعات القريبة جدا من المدينة، وحتى هذه تفوقها في العلو جوامع رشيد ومبانيها العالية، ويتعرض الجيش المرابط على المرتفعات لنيران المدافعين عن المدينة، أضف إلى هذا أن هذه المرتفعات تنحدر إلى سهل منبسط إلى يمين رشيد، ويمتد بمحاذاة النيل، وهو سهل مزروع برتقالا، وقد احتله الإنجليز، ولكنه كان موقعا مكشوفا فتعرضوا لنيران العدو، حتى إنهم اضطروا إلى الانكماش، وعندما فتش الجنرال «ستيوارت» هذه المواقع لم يرتح للترتيبات التي أجريت، فحدث تغيير في توزيع الوحدات المختلفة للتضييق على رشيد، ولكن الخط استمر مكشوفا، ولم يمكن - لاتساع المدينة - ضرب الحصار حولها بأسرها، وبقيت ثغرات يخرج العدو منها للهجوم على الإنجليز ومناوشتهم، ثم الارتداد بسرعة إلى داخل الأسوار، وكان من الواضح أن سبب عجز الإنجليز في تشديد الحصار القوي على رشيد وتطويقها هو عدم كفاية القوات التي لديهم لهذه العملية، ثم إنه لم يكن في مقدورهم محاولة الهجوم على المدينة واقتحامها اقتحاما بسبب ما لدى «ستيوارت» من تعليمات تمنعه من ذلك، وتحتم عليه الاقتصار على ضربها بالمدافع وإرغامها بهذه الوسيلة فقط على التسليم.

وكان لتحقيق هذا الغرض أن قضى «ستيوارت» يوم 9 أبريل خصوصا في إقامة البطريات بصورة تمكن من تركيز أكثر الضرب على قسم المدينة رشيد الواقع إلى اليسار لملاءمة الأرض لهذه العملية، وكانت قد أرسلت قوة لجلب مدفع «المورتار» إلى الخطوط يوم 8 أبريل للمعاونة في هذا الضرب، وهو المدفع الذي نقل عبر بحيرة إدكو، ثم أنشئت تحصينات من قطع شجر النخل وسعفه تغطيها الرمال؛ للوقاية من هجوم مفاجئ قد يقوم به فرسان العدو، فأقيم متراسان، ولكن الرياح صارت تزيل الرمال؛ مما اقتضى مراقبة متصلة وعناية مستمرة للمحافظة عليهما.

وفي 10 أبريل استمر الضرب، ولكن دون أن يحدث هذا الضرب أي أثر جدي على رشيد، فتقرر إنشاء بطارية من ستة مدافع على مسافة قريبة من وسط المدينة، وكان في هذا اليوم كذلك أن غادر «مسيت» المعسكر، متعللا بسوء صحته، فكان ذهابه موضع تعليقات من بعض رجال الحملة الذين ساءهم ألا يقيم في المعسكر ضباط من طراز «مسيت»، لديهم أفضل الوسائل للحصول على معلومات، ينتفع بها الجيش، وقد لاحظ هؤلاء أن سوء الصحة قد منع «فريزر» من الاشتراك فعليا في هذه الحملة، فبقي على ظهر السفينة «كانوب» - سفينة الأميرال لويس - على مسافة بعيدة جدا في خليج أبي قير من ميدان العمليات، ويتراسل مع الجنرال «ستيوارت»، وقد ترتب على ذهاب «مسيت» أن صارت كل المخابرات تجري بين الجيش والقيادة العليا في يد الجنرال «فريزر» عن طريق الإسكندرية، فكان الشوربجي سيدي قاسم غرياني و«مسيت» يبعثان بما يصلهما من أخبار إلى الأسطول، وسفينة القيادة في أبي قير، ثم يقوم الأسطول بدوره بإرسالها إلى المعسكر أو جيش «ستيوارت»، وقد كان نصيب بعض هذه الأخبار الإهمال التام، فلم تصل إلى المعسكر، ومن بين هذه خبر هام أبلغه الشوربجي إلى الأسطول، فحواه أن محمد علي يجمع قواته ويستعد لنجدة رشيد، وأنه قد جهز فعلا عددا من المدافع الثقيلة وزوارق مدفعية وسفنا لنقل جنده في النيل إلى رشيد، ومع خطورة هذا النبأ الذي دلت الحوادث على أنه كان صحيحا، فقد أهمل المسئولون إبلاغه إلى «ستيوارت» وأغفلوه؛ بسبب إشاعات كاذبة أذيعت عمدا، مفادها أن البكوات المماليك قد ألحقوا بالباشا هزيمة كبيرة، وقد صدق المسئولون هذه الشائعات؛ بسبب ما كان إبراهيم بك وشاهين بك الألفي قد بعثا به من كتب الأول إلى «فريزر» والثاني إلى «مسيت» بتاريخ أول أبريل يعلنان نبأ انتصار البكوات على محمد علي، ومع أن مقارنة بسيطة بين تاريخ تحرير كتابي إبراهيم وشاهين، وتاريخ حادث الانتصار الذي ذكراه كانت كافية لبيان أنه قد مضى من الوقت على هذا الانتصار ما يجعل من المحتمل على الأقل أن يكون الباشا قد قام فعلا بهذه التجهيزات التي بعث بأخبارها الشوربجي، فإن أحدا لم يول هذه المسألة أية عناية، بل ساد الاعتقاد من ناحية أخرى بأن البكوات سوف يحضرون قريبا للانضمام إلى الإنجليز، وهذا بالرغم من أن إبراهيم وشاهين لم يذكرا شيئا عن الذهاب إلى الإسكندرية، أو التقدم في الدلتا، بل كان كل ما اشتمل عليه كتاباهما مجرد إبداء النية في المجيء إلى الجيزة.

وفي 10 أبريل حاول الأرنئود استدراج الإنجليز إلى الأسوار حتى يصلوهم نارا حامية، فخرجت منهم قوة لهذا الغرض، ولكنهم ما لبثوا أن أرغموا على الارتداد دون أن يظفروا بمأربهم، ثم استمر الضرب على المدينة في اليوم التالي، وجاءت الأخبار من الحماد في الوقت نفسه بأن العدو قد اشتبك مع قوات «فوجلسانج» وأن هذا تبادل معه إطلاق النار بأثر طيب، وأما فيما يتعلق بسير عمليات هذا اليوم (11 أبريل) في رشيد، فقد تسلل فرسان العدو من المدينة وفاجئوا الإنجليز، ووقعت معركة جرح أثناءها علي بك السنانكلي، ولم يتمكن الإنجليز من تعقب الأرنئود في تقهقرهم إلى أسوار المدينة، كما فاجأ جماعة من الأرنئود مسيرة الإنجليز، فاضطر «ديلانسي» إلى الارتداد، ثم إن اشتباكا حدث كذلك مع ميمنة الإنجليز، وانسحب الأرنئود بعد هذه الالتحامات بأمان إلى داخل المدينة التي خشي الإنجليز دائما من المغامرات والاقتراب من أسوارها، وكان ظاهرا أنه طالما امتنع الأرنئود عن الخروج من المدينة إلى مسافة كافية للاشتباك معهم بعيدا عن أسوار المدينة، فلا أمل لدى الإنجليز المحاصرين لهم في الانتصار عليهم، وإخضاع رشيد، وفي 12 أبريل أعيد ترتيب خطوط الإنجليز وتولى قيادة العمليات بأسرها في هذه الخطوط الكولونيل «أسوالد»، وأرسلت بعض النجدة إلى «فوجلسانج» في الحماد، وقد شكا هذا الأخير من وجود ثغرات ضعف كثيرة في موقعه، وأما الأرنئود فقد أقاموا بطرية من أربعة مدافع على الشاطئ الأيمن للنيل، أزعجت إزعاجا كبيرا قوات الإنجليز الذين اتخذوا مراكزهم في حقل البرتقال، ومع أن المدفعية بأسرها قد اشتركت في ضرب المدينة والعدو، فإن أثرها كان ضئيلا للأسباب التي سبق ذكرها، وأهمها تعذر تطويق المدينة لاتساعها، ولأن أكثر جهات رشيد ازدحاما بالسكان كان في قسم المدينة المنحدر إلى ناحية النهر، ولا يؤثر فيه سوى الضرب بالقنابل، زد على ذلك أن الحامية من الأرنئود كانت لا تأبه لهذا الضرب، بل وتستخف به، فضلا عن أن النجدات من المتطوعين الذين خرجوا من دمنهور والجهات المجاورة لمناوشة الإنجليز صارت تصل إلى المدينة، كما بدأت طلائع القوات التي أرسلها محمد علي من القاهرة، تصل إليها كذلك، وجاءت رشيد المؤن كل يوم بالرغم من الحصار المفروض عليها، وقد وجدت كل هذه النجدات طريقها إلى المدينة من ناحية الشاطئ الأيمن للنيل.

وكان بسبب هذه الصعوبات المتزايدة إذن أن قرر الإنجليز فتح باب المفاوضة، بعد أن كانوا قد أغلقوه قبل ذلك بأيام قليلة، ولم يشئوا الاستفادة من تلك الهدنة التي عرضها عليهم السنانكلي، ريثما يتصل برؤسائه في القاهرة، فتقرر إعداد رسالة إلى حاكم رشيد، تذكر الأنباء التي بلغت الإنجليز عن انتصار المماليك على جند الباشا، ثم قرب مجيء البكوات سريعا إلى المعسكر البريطاني، وتشير إلى أن من صالح علي بك السنانكلي التسليم فورا قبل وصول المماليك، وقبل فوات الفرصة؛ حيث إنه من المتعذر عند حضور البكوات منحه شروطا سخية، ثم أضاف «تابرنا» الذي يعرف علي بك معرفة شخصية بعض العبارات التي نصحه فيها بالتسليم، وتطوع أحد التراجمة بحمل هذه الرسالة، ولكنه قوبل بإطلاق النار عليه، فاضطر الإنجليز إلى استخدام أحد العربان في هذه المهمة بعد إغرائه بمبلغ كبير من المال، واستطاع هذا اقتحام خط النار، ولكنه لم يعد، وساد الاعتقاد في المعسكر بأنه قد لقي حتفه، وتظاهر الرؤساء بالامتعاض مما حدث، وأنكروا أن ما وقع كان بعلمهم وموافقتهم.

ولما كان قد لوحظ أن العدو الأرنئود قد شرع يتهيأ لتدبير هجوم على الحماد، فقد أرسل «ستيوارت» مدفعا آخر إلى هذا الموقع مع ثلاثمائة جندي، وكان أهم ما وقع من حوادث بين 12، 16 أبريل، أن العرب الذين تبين لهم مبلغ ما يعانيه الإنجليز من مشاق في هذا الحصار المضروب على رشيد صاروا يأتونهم بأخبار من النوع الذي يرتاح الإنجليز له، فذاعت الأنباء الكاذبة عن زحف المماليك بجد وسرعة صوب الشمال، وأكد أحد العربان أنهم قد بلغوا فعلا علقام، ونشطت مدفعية الأرنئود على يمين خطوط الإنجليز، لدرجة أنها ألحقت أضرارا كبيرة بالمعسكر أمام رشيد وأحدثت إصابات عديدة بين الجنود، بينما ظل أثر مدفعية الإنجليز على رشيد ضئيلا، وفي 14 أبريل لوحظت جماعات كثيرة تنضم إلى معسكر الأرنئود في ناحية الحماد على شاطئ النيل الأيمن من بينهم فرسان في أعداد كبيرة.

وفي 15 أبريل زار الجنرال «فريزر» وهيئة أركان حربه معسكر الإنجليز للمرة الأولى، وكان معه الأميرال «توماس لويس»، ولم تسفر هذه الزيارة عن نتيجة؛ لأنه مع اتضاح الحاجة إلى اشتراك قوات كافية من الجيش والبحرية في العمليات الجارية لإحراز السيطرة على شاطئ النهر قبل كل شيء حتى تؤدي الجهود المبذولة في الحصار إلى النتيجة المنشودة، فقد أصر «فريزر» على أنه من المستحيل إعطاء رجل واحد؛ لأن قوات الجيش العاملة تكاد تكون جميعها الآن أمام رشيد، وأن القوة الموجودة بالإسكندرية إلى جانب قلتها فهي مؤلفة من عناصر لا يمكن الاعتماد عليها، ثم إنه أشار على «ستيوارت» بتركيز الضرب بالمدافع على رشيد، متناسيا أن هذا التركيز واقع فعلا، وأوضح له «ستيوارت» أن هذا التركيز قد استنفد في بعض الأحايين قدرا من الذخيرة، لم تكف وسائل النقل الموجودة لجلب غيرها في الوقت المناسب، مما نجم عنه توقف الضرب بعض الوقت، وأعرب له عن رأيه في أن هذا الهجوم سوف يفشل في آخر الأمر، وغادر «فريزر» و«توماس لويس» الخطوط وهما غير راضيين عن الجهود التي بذلت، وحيث إن الأمل كان منعقدا على قرب حضور المماليك للاشتراك في العمليات القائمة، فقد بذلت همة عظيمة في جلب الذخائر والمؤن وسائر الإمدادات من القاعدة أو المخزن المقام على بحيرة إدكو، وكانت المسافة بينه وبين المعسكر سبعة أميال، قطعها الجنود في مشقة عظيمة؛ بسبب الرمال الكثيفة التي تغطي هذا الطريق.

ناپیژندل شوی مخ