مصر په د نهیم پېړۍ پیل کې

محمد فؤاد شکری d. 1392 AH
187

مصر په د نهیم پېړۍ پیل کې

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

ژانرونه

وقد بدأ سير الحملة من مرتفعات الإسكندرية الشرقية في 3 أبريل، قاصدة إلى أبي قير، وكان قد سبق إرسال المهمات وسائر لوازم الحملة بحرا من الإسكندرية إلى المحطة أو القيروان سراي المنشأة عند منفذ بحيرة إدكو إلى خليج أبي قير منذ عمليات الحملة الأولى، والتي تمكن فريق من الجنود البحارة بقيادة الكابتن «نيكولز»

Nicolls

من الاحتفاظ بها بعد تقهقر الجيش السابق بقيادة الكولونيل بروس، ولما كان الطريق من الإسكندرية إلى أبي قير صحراويا وطبقة الرمال به كثيفة، فقد لقي الجند مشقة في سيرهم، ثم زاد من بطء السير جمعهم العتاد خلف كل قسم من الجيش بدلا من توزيع هذا العتاد خلف الطوابير المختلفة، حتى يشرف كل منها على نقل العتاد الخاص به، وصح العزم على جعل قسم من الجيش يمر من قطع المعدية الذي يصل بين هذه البحيرة وخليج أبي قير في مساء اليوم نفسه، ولكنه حدث أن ضل فريق من القوات الطريق، وتأخر العبور حتى صبيحة اليوم التالي (4 أبريل)، وفي هذا اليوم بدأت عملية إرسال الجند، ونقل المهمات إلى قيروان سراي، وكانت عملية شاقة متعبة لقلة عدد السفن، وتعذر نقل الجند لذلك دفعة واحدة إلى المحطة؛ ولأن سحب الخيول والجمال وجعلها تعوم عبر القطعين (قطع المعدية وقطع إدكو) لم يكن سهلا لينا، فالأول يبلغ اتساعه حوالي الميل، والثاني كان أكثر عمقا وضيقا، ولو أن به أمواج شاطئية فاستغرق النقل من الصباح إلى المساء واستحال تحرك الجيش، حتى إذا كان مساء اليوم نفسه، تقرر أن يبدأ في الصباح التالي استئناف الزحف، على أن يسبق «ماكليود» بقسم من القوات إلى المرتفعات المشرفة على قرية إدكو إذا أمكن هذا وإلا اتخذ موقفا له وسط الطريق بين هذه القرية وبين المحطة.

وفي 4 أبريل وصل إلى قيروان سراي أكثر المدفعية والمهمات المنقولة إليها بحرا من الإسكندرية، وصارت المهمة التالية نقل هذه إلى مكان العمليات المقبلة، ولكنه لم يكن هناك من وسائل النقل ما يكفي لحمل هذه المهمات ذات الأهمية العظيمة بالسرعة المطلوبة، فقد قل وقتذاك وجود الجمال بالإسكندرية، ولو أنه كان في القدرة العثور على العدد اللازم منها للحملة لو أنه قد بذلت جهود جدية لتحصيل هذه الغاية، فصار الاعتماد الآن على نقل المدفعية والعتاد بواسطة البحيرة من قيروان سراي إلى المعسكر المزمع إنشاؤه عند رشيد، وقد ترك أكثر هذا العتاد تحت رحمة المواصلات الرديئة بهذا الطريق؛ حيث إن ماء بحيرة إدكو كان في نقصان مستمر في هذا الفصل، ولا تستطيع السفن الملاحة في البحيرة إلا إذا كانت أحمالها خفيفة، ثم إنه لم يسبق اختبار الملاحة في بحيرة إدكو، وقد ظل الاعتماد على هذا الطريق من المساوئ التي لازمت عمليات هذه الحملة الثانية ضد رشيد، فقد أنشئ مخزن عند طرف البحيرة الشرقي، تأتي إليه المؤن والذخائر وسائر المهمات من قيروان سراي عبر بحيرة إدكو، ثم تنقل هذه من المخزن إلى المعسكر على مسافة سبعة أميال من طرف البحيرة عبر الصحراء، واستلزم لتأمين المواصلات بين قيروان سراي والمخزن ثم من الأخير إلى المعسكر إنشاء حراسة من قوات صار عدد رجالها يتزايد يوميا مما أضعف العمليات العسكرية ضد رشيد، وكان من عوامل الهزيمة، أضف إلى هذا أنه كان على الجند في سيرهم من قيروان سراي إلى قرية إدكو أن يقطعوا حوالي ستة أميال في طريق صحراوي كثيف الرمال يعوق السير كثيرا، خصوصا إذا أخذ هؤلاء معهم بعض قطع المدفعية.

والواقع أنه كان هناك من يؤثر نقل الجند بحرا من نقطة العجمي إلى مصب فرع رشيد، لتفادي كل هذه المصاعب وما ينجم عنها من عطل وتأخير، ويستند أصحاب هذا الرأي في إيثاره على طريق أبي قير - إدكو على أن استخدامه يستلزم حتما ومن أول الأمر الاستيلاء على قلعة جوليان عند مصب النهر، ولهذه الخطوة مزايا عديدة، إذ يستطيع بفضل ذلك أسطول من المراكب الصغيرة الدخول إلى النهر بأمان، ويتسنى عندئذ تهديد الشاطئ الأيمن، وكان للعدو به بعض البطاريات الصغيرة، فيمكن إسكات هذه بسهولة، ولا يجد الجيش ضرورة لإرسال بعض فصائله إلى الشاطئ المقابل لإسكاتها بعد ذلك، فيستطيع حينئذ تركيز كل قواته بصورة تمكنه من مجابهة العدو بقوة متكافئة، ولكن الجنرال «ستيوارت» رأى خلاف ذلك، واختار طريق أبي قير - إدكو لاعتقاده أن الحملة في وسعها التزود بالمياه إذا سارت في هذا الطريق، وأن المواصلات سوف تكون أقل تعرضا للخطر في هذا الطريق عنها في الطريق الساحلي بحرا من العجمي إلى رشيد، علاوة على كثرة الأمواج الشاطئية عند مصب النيل في فرع رشيد، وقد أيد هذا الرأي كذلك رجال البحرية.

وأما «ماكليود» فقد اتخذ مكانه خلف قرية إدكو التي وصل إليها صباح يوم 5 أبريل الباكر، ولما كانت التعليمات التي لدى «ستيوارت» هي عدم محاولة اقتحام رشيد عنوة، بل تضييق الحصار عليها وضربها بالمدافع لإخضاعها، فقد وجب إحضار المدفعية فورا إلى الخطوط الأمامية لمباشرة الضرب دون إبطاء، فشغل الجند بنقل المدفعية، يشد هؤلاء المدافع الخفيفة بأيديهم، ويعاونهم الجند البحارة، وكان عملا شاقا مرهقا لسيرهم في أرض صحراوية رملية - كما ذكرنا - بينما جرت الخيول المدافع الثقيلة، ونقلت الجمال الذخائر وما إليها، ثم نقل مدفع كبير من نوع «المورتار» مع كمية من القنابل بطريق البحيرة، واضطرت الحملة إلى ترك كثير من المهمات والأدوات الضرورية للحصار خلفها، وقد استغرقت هذه العملية كل صباح يوم 5 أبريل، بينما تحرك الجيش في الوقت نفسه إلى قرية إدكو للانضمام إلى «ماكليود»، وبقي «نيكولز» عند قيروان سراي لحماية هذه المحطة.

ولما كان قد بلغ الإنجليز أن العدو قريب من هذه الجهات ويؤلف الفرسان القسم الرئيسي من قوته، ثم كانت الأرض التي ساروا عليها من قيروان سراي إلى إدكو غير ملائمة للاشتباك مع العدو الأرنئود وفرسانه في معارك جدية، فقد لزم تنظيم السير في تشكيلات تمكن الزاحفين من مقاومة أي هجوم قد يقع عليهم، ثم حماية مدفعيتهم وعتادهم، وكان اليوم شديد الحرارة، ولقي الجند عنتا كبيرا فساروا في بطء شديد، حتى إنهم لم يقطعوا أكثر من ميل واحد في الساعة الواحدة، وزاد من متاعبهم خصوصا الجنود البحارة أن المياه التي توقعوا وجودها بكميات وفيرة في قيروان سراي كانت قليلة ومن نوع غير طيب، ولكنهم لم يلبثوا عند وصولهم إلى إدكو أن وجدوا بها ماء كثيرا طيبا ونخيلا، ثم إنهم لاحظوا كذلك أن القوارب قد وصلت إلى نقطة أبعد من قرية أبعد من قرية إدكو في طريقها إلى طرف البحيرة من ناحية رشيد، ثم إن هذه القوارب لم تلبث أن وصلت بسلام إلى الشاطئ، ولو أن أكثر قطع المدفعية قد نقلت من القوارب قبل وصول هذه إلى الشاطئ لقلة عمق المياه في البحيرة، وحملت إلى البر.

وكان «ماكليود» عند وصول الجيش إلى قرية إدكو قد أبلغ أن جماعة من فرسان العدو قد شوهدوا بالقرب من هذا المكان، ولكنهم سرعان ما ارتدوا عندما تهيأ «ماكليود» وجنده للدخول معهم في معركة، ثم إنه لما كان قد نما إلى «ستيوارت» وسائر رجال الحملة أن العدو الأرنئود موجود بقواته في قرية الحماد فقد رئي من الحكمة احتلالها لتأمين مؤخرة الجيش ولمراقبة الملاحة في النهر ولحماية خطوط المواصلات مع المحطة أو المخزن الذي أقيم عند طرف البحيرة من ناحية رشيد، فقد فصل بين طرف بحيرة إدكو في هذا المكان وبين رشيد برزخ يبلغ اتساعه حوالي الميلين ونصف الميل، تضيق مسافته أو تتسع حسب اقتراب ثنية النيل من شاطئ البحيرة، ثم انحناءات بقايا قناة عميقة تقع قرية الحماد وراءها، وتمتد من طرف البحيرة إلى النيل في مكان يقع خلف ثنية النيل جنوبي أبو منضور، ويرتفع شاطئا هذه القناة على حافتيها، ويمتدان من النهر نحو ثلثي المسافة عبر البرزخ، ويسيطر شاطئاها على السهلين أمام وخلف القناة، فكان لذلك أن وجب احتلال الحماد، فعهد بهذه المهمة إلى «ماكليود» الذي زحف على الحماد في 6 أبريل واحتلها دون مقاومة بعد مناوشات خفيفة مع فرسان العدو على مسافة قريبة من القرية، وقد ظهر أن هناك طريقين معروفين من قرية إدكو إلى رشيد أحدهما عبر الصحراء رأسا إليها، والآخر على طول شاطئ البحيرة إلى النقطة التي يبدأ منها ذلك البرزخ الذي سبق وصفه والذي صنعته هذه البحيرة مع النيل، ثم ينثني الطريق إلى اليسار مستديرا خلف مرتفعات عليها أبراج للوصول إلى شاطئ النهر، وكان هذا الأخير هو الطريق المفضل؛ لأن الأرض أكثر صلابة، ولأن الجيش في وسعه إجلاء العدو عن المرتفعات بسهولة، وقد سار فيه الجيش، وفي المساء احتل «ستيوارت» المرتفعات التي أشرنا إليها، وتقع هذه بين الحماد وأبي منضور، وفي صبيحة 7 أبريل بعث بقوات تحت قيادة الميجور «فوجلسانج»

Vogelsang

إلى الحماد ليحل محل «ماكليود» بها، وعندئذ زحف هذا الأخير على مرتفعات أبي منضور واحتلها دون مقاومة وانسحب العدو إلى داخل أسوار رشيد، ووصل جيش «ستيوارت» عقب ذلك إلى التلال الرملية حول رشيد وبدأ حصار المكان في التو والساعة.

ناپیژندل شوی مخ