============================================================
فلا تطغى، فيستعملها في المصالح والمراشد، ويمنغها عن المهالك والمفاسد، فيأخذ إذن في قطع هلذه العقبة، ويستعين بالله جل ذكره على ذلك : فلما فرغ من قطعها.. رجع إلى قصد العبادة، فإذا عوارض تعترضه، فتشغله عن الإقبال على مقصوده من العبادة، وتصده عن التفرغ لذلك كما ينبغي ، فتأمل فإذا هي أربعة: الأول : الرزق، تطالبه النفس به وتقول : لا بد لي من رزق وقوام، وقد تجردت عن الدنيا ، وتفردت أيضا عن الخلق ، فمن أين يكون قوامي ورزقي ؟!
والثاني : الأخطار من كل شيء يخافه أو يرجوه ، أو يريده أو يكرهه، ولا يدري صلاحه في ذلك أو فساده ؛ فإن عواقب الأمور مبهمة، فيشتغل قلبه بها، فإنه ريما يقع في فساد أو مهلكة .
والثالث: الشدائد والمصائب تنصث عليه من كل جانب ، لا سيما وقد انتصب لمخالفة الخلق ، ومحاربة الشيطان، ومضادة النفس، فكم من غصة يتجرغها، وكم من شدة تستقبله، وكم من هم وحزن يعترضه، وكم من مصيبة تتلقاه.
والوابع : أنواع القضاء من الله سبحانه وتعالى بالحلو والمر ، ترد عليه حالا فحالا، والنفس تسارع إلى الشخط، وتبادر إلى الفتنة ، فاستقبلته هلهنا عقبة العوارض الأربعة ، فاحتاج إلى قطعها بأربعة أشياء : التوكل على الله سبحانه في مواضع الرزق ، والتفويض إليه في مواضع الخطر ، والصبر عند نزول الشدائد، والرضا عند نزول القضاء، فأخذ في قطع هذه العقبة باذن الله تعالى وتسديده وحسن تأييده.
فلما فرغ من قطعها وعاد إلى قصد العبادة. . نظر فإذا النفس فاترة كسلى ، لا تنشط ولا تنبعث لخير كما يحق وينبغي، وإنما ميلها أبدا إلى غفلة ودعة، وراحة وبطالة، بل إلى شر وفضول، وبلية وجهالة ، فاحتاج معها هلهنا إلى سائي يسوقها إلى الخير والطاعة وينشطها له ، وزاجر يزجرها عن الشر والمعصية
مخ ۴۰