============================================================
وإذا تأملت ما آتاه الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم مما مر من تلك الكمالات التي لا تحد ولا تعد. علمت أنه قد عظمث نغمة الإلله عليه فأشتقلث لذكره العظماء (عظمت نعمة الإلكه عليه) عظمة قطعت سائر الخلق عن آن يصل أحد منهم إلى مباديء غاياتها ومقاصد نهاياتها (ف) بسبب هذذه العظمة المذكورة (استقلت لذكره) أي : عند وقت ذكر ما أنعم الله به عليه، ونظيره : وأقو الضلوة لزكرى}: (العظماء) أي: جميع ما أنعم الله به عليهم؛ لأنه أوتي غايات الكمالات الباهرة التي لا يدرك شأوها مخلوق، ولو عرض معها على ذوي العقول الكاملة جميع التعم والفضائل التي أوتيها غيره من المخلوقات.. لاستقلوها وعدوها دون كمالاته، وقطعوا بأن ما عنده أعظم وأجل وأفخم: وأعدت ضمير (ذكره) وحملت (العظماء) على ما ذكرته ؛ لأن المتن صريح في ذلك باعتبار أنه فرع الاستقلال على عظم النعمة، وحذرا من أني لو لم أفعل ذلك:: لأوهم ذكر الاستقلال - على ما هو المتبادر منه عرفا - الاحتقار للعظماء الشامل لبقية الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين، لا سيما وقد استعمله الناظم فيه بعد بيتين حيث قال : (مستقل دنياك...) ولا نظر مع ذلك إلى قبول ذلك الإيهام ؛ للمنع بأن يقال: استقلال الشيء عده قليلا حتى في العرف، ولا شك أن ما عداه صلى الله عليه وسلم بالنسبة إليه كنسبة القليل إلى الكثير.
فإن قلت : يلزم على تسليم ذلك الايهام أن الاحتقار متبادر حتى على ما ذكرت ؛ لأن إضافة الاستقلال إلى النعم يوهم احتقارها، وهو محذور أيضا قلت: ممنوع؛ لأن النعم الواصلة للعظيم وغيره توصف بالقلة تارة وبالكثرة أخرى، فلم يوهم ذكر الاستقلال فيها احتقارا أصلا، بخلاف الذوات فإن وصفها بأنها استقلت يوهم احتقارها؛ إذ لا يستعمل الاستقلال فيها إلا بهذا المعنى غالبا نعم؛ قرينة المقام - لا سيما مع مراعاة وصفهم بالعظمة - تدفع ذلك الايهام كما هو جلي: 301
مخ ۲۳۵