============================================================
محمودا، وقد عرف الخلق الحسن بأنه: ملكة يسهل على ذويها فعل الجميل وتجتب القبيح: ولما اجتمع فيه صلى الله عليه وسلم من خصال الكمال وصفات الجلال والجمال ما لا يحصره حد، ولا يحيط به عد.. أثنى الله تعالى عليه في كتابه الكريم، فقال عز قائلا وإنك لعلى خلق عظيو}، فوصفه بالعظيم ، وزاد في المدحة بإتيانه با على) المشعرة بأنه صلى الله عليه وسلم استعلى في ذلك على معالي الأخلاق واستولى عليها، فلم يصل إليها مخلوق غيره، ووصف بالعظم دون الكرم الغالب وصفه به؟
لأن كرمه يراد به السماحة والدماثة(1)، وخلقه صلى الله عليه وسلم غير مقصور على ذلك، بل كما كان عنده غاية الرحمة للمؤمنين.. كان عنده غاية الغلظة والشدة على غيرهم، فاعتدل فيه الإنعام والانتقام، وللكن لم يكن له همة سوى الله تعالى، فعاشر الخلق بخلقه، وباينهم بقلبه، ومن ثم ورد بسند فيه ضعف : "إن الله بعثني بتمام مكارم الأخلاق، وكمال محاسن الأفعال"(2)، وفي رواية " الموطأ " بلاغا : " بعيت لأتمم مكارم الأخلاق "(2)، فكل خلق حميد اندرج تحت خلقه ، ومن ثم قالت عائشة رضي الله تعالى عنها : (كان خلقه القرآن)(4): قال السهروردي - رحمه الله تعالى ونفع به - في "عوارفه" : (في قولها ذلك رمز غامض وإيماء خفي إلى الأخلاق الربانية، فاحتشمت من الحضرة الإللهية أن تقول : كان متخلقا بأخلاق الله تعالى، فعبرت عن المعنى بقولها : "كان خلقه القرآن" استحياء من سبحات الجلال، وسترأ للحال بلطف المقال، وهلذا من وفور عقلها، وكمال أدبها) اه(5) (1) الدماثة: سهولة الخلق (2) أخرجه الطبراني في " الأوسط" (6891)، وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد" (4/ 191): (.. وفيه عمر بن إيراهيم القرشي، وهو ضعيف) (3) الموطأ(904/2) 4) أخرجه البخاري في " الأدب المفرد "(308)، وأحمد (91/6)، والبهقي في " الشعب" (1428) والحاكم (2/ 392)، وغيرهم 5) عوارف المعارف (393/1)
مخ ۲۲۱