============================================================
يليه، ووصل المدينة يوم الإثنين ثاني عشر الشهر، وجمع بأن خروجه من مكة يوم الخميس ومن الغار ليلة الإثنين.
وخلف عليا ليؤدي ما عنده من الودائع ، وكان مجيئه بيت أبي بكر وقت الظهيرة فقال : " إنه قد أذن لي في الخروج" قال : الصحبة يا رسول الله قال : " نعم " قال : فخذ إحدى راحلتي قال : " بألئمن "(1) أي : لتتمحض هجرته لله ولا يكون لأحد فيها منة، فخرجا ليلا إلى غار جبل ثور، فاستخفيا فيه كماقال : (وآواه غار) أي: ولما فقدته قريش. طلبوه بمكة أعلاها وأسفلها، وبعثوا القافة إثره في كل وجه، فوجد الذي ذهب قبل ثور أثره هنالك، فلم يزل يتبعه حتى انقطع لما انتهى إلى ثور، وشق عليهم خروجه وجزعوا منه، وجعلوا لمن رده مئة ناقة.
ولما دخل الغار.. قيل: أنبت الله على بابه شجرة أم غيلان فحجبت عن الغار أعين الناس، وأرسل الله حمامتين وحشيتين فوقعتا على فم الغار كما قال : (وحمته) منهم (حماسة) فيه جناس سبق نظيره (ورقاء) وهي: ما في لونها بياض يخالطه سواد، قيل: وحمام الحرم من نسلهما، ومعنى حمايتهما له: أن فتيان قريش من كل بطن لما أقبلوا بسلاحهم.. جعل بعضهم ينظر في الغار فلم ير إلا حمامتين وحشيتين بفم الغار، فرجع إلى أصحابه، فقالوا له: ما لك ؟ قال : رأيت حمامتين وحشيتين فعرفت أنه ليس فيه أحد(2) وقال آخر : ادخلوا الغار، فقال اللعين أمية بن خلف : وما أربكم في الغار؟ إن فيه لعنكبوتا أقدم من ميلاد محمد (3).
وفي "مسند البزار" : إن الله عز وجل أمر العنكبوت فسجت على وجه الغار، ولذاقال الناظم : (1) اخرجه البخاري (2138)، وأبو يعلى (4548) وانظر " سيرة ابن هشام "(484/2)، و"طبقات ابن سعد 8(3/ 172) (2) قال في " مجمع الزوائد* (56/6) : (رواه البزار، والطبراني [443/20]، وفيه جماعة لم أعرفهم) ، والخبر في طبقات ابن سعد"(229/1) (3) انظر "الاكتفاء" للكلاعي (339/1).
198
مخ ۱۳۲