فلما سمع ذلك معاوية بن أبي سفيان اتكأ على المغيرة بن شعبة وقام وهو يقول: (لا نقر لعلي بولاية، ولا يصدق محمد في مقاله فأنزل الله على نبيه: ?فلا صدق ولا صلى، ولكن كذب وتولى، ثم ذهب إلى أهله يتمطى، أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى?[القيامة:31-35] تهددا من الله وانتهارا. فقالوا: (اللهم نعم)؛ وهذا مما يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال هذا الخبر في غير موطن.
وخبر (غدير خم) هذا خبر متواتر أخرجه محمد بن جرير الطبري من خمسة وسبعين طريقا، وأصحابنا من مائة وأربع عشرة طريقا بغير المقدمة التي هي: ((ألست أولى بكم من أنفسكم؟)) وبها من مائة طريق ، وأخرجه محمد بن عقدة من مائة طريق، وخمس طرق.
قال الذهبي: (بهرني طرقه فقطعت بوقوعه). وبالجملة فهو مما اتفق عليه المؤالف والمخالف. ويؤكد ما ذكرناه من بغض معاوية لعلي[عليه السلام] ما رواه المغيرة بن شعبة وقد قيل له: إنك كنت من معاوية بمكان، فلم تركته؟
قال : نعم إن هذا الرجل كان أخبث عباد الله، كنت أسايره يوما وأحدثه حتى أنبسط إلي فقلت وقد ذكر بني هاشم: اعف عنهم وارفق بهم فإنما نلتم ما نلتم بقرابتكم منهم، فقال: اسكت إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توفي فصار هذا الأمر إلى أبي بكر، فلما مات انقطع ذكره وذكر قومه، فصار إلى عمر، فلما مات انقطع ذكره وذكر قومه، وإن جماعة هذا الرجل ينادى بهم في اليوم والليلة خمس مرات فليس لهم إلا أن يلزقوا بالتراب.
وقد فعل بمقتضى كلامه هذا وأحدث سب أمير المؤمنين [عليه السلام]، وسب أهل بيته وجعله سنة على المنابر إلى زمن عمر بن عبد العزيز رحمه الله والأحاديث الصحيحة المتواترة معي صريحة في أن حب علي كرم الله وجهه إيمان وبغضه نفاق، وقد عرفت ما أجمع عليه الأمة من بغي معاوية على أمير المؤمنين عليه السلام.
مخ ۹۴