مطمح الآمال فی ایقاظ جهله العمال من سیرت الضلال
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
ژانرونه
أما أولا: فلأن الشارع أومأ إلى العلة في التحريم بتعليقه على الخبائث المذكورة المعينة في الصور التي ذكرنا بعضها، بالنظر في تخصيص كل من معانيها بصورة ما ليس تنقيحا؛ لأن شمول الخبث لمعانيه التي منها خبث الرائحة، والاستقذار، ورداءة الجنس، وكونه محرما، ومستخبثا في ذاته أو حكما أو نحو ذلك[75ب] مما يحتمله معنى الخبث، كالصورة التي وقع البحث لأجلها، ونحوها متعين فيما نحن فيه ولا تناف بينها؛ فحمل الخبث على الضار مع وجود سائر معانيه فيه من بين سائرها لا محوج إليه في إجراء حكم التحريم عليه، والعلة هنا متعينة وهي الخبث المشتمل على معان، أومأ الشارع إلى عليتها في بعض الصور، ونص عليها في أخر؛ فأين التنقيح فيما هو متعين بنفسه، وإنما كان للتنقيح جهة في المسألة لو كانت الخبائث أسماء لمحرم معين، لم يقصد بتعليق الحكم عليها الإيماء إلى كونها علة، كما في الخمر مثلا فإنه اسم لمحرم معين يحتاج في ثبوت وجه تحريمه إلى إحدى الطرق المعينة للعلية ليلحق به غيره، فيحتاج في إثباتها في الفرع إلى تنقيح المناط وغيره؛ أما والخبث هو العلة في تحريم ما وجدت فيه معانيه الغير المتنافية أو بعضها، فلا تنقيح، ولسنا نريد المجموع هو المناط المتعلق بالإثبات والنفي، بل المراد أن كل واحد يصلح أن يكون مناطا للحكم، ومتعلقا للإثبات والنفي، والفرق بين الجميع والمجموع، كالفرق بين الكل الإفرادي والكل المجموعي، ولا مانع من حصول هذه الأوصاف هنا متعددة لجواز تعدد العلل؛ وإنما قلنا في المذاكرة الأولى أن أوصاف التنقيح مذكورة في منطوق اللفظ لا في مفهومه؛ إشارة منا إلى الفرق بين السبر الذي هو من تخريج المناط المحكوم عليه بأنه أدنى الثلاثة، وبين التنقيح الذي هو أوسطها؛ فإنا لو طلبنا أوصافا غير مذكورة وسبرناها بعد حصرها وأثبتنا بعضها للعلية بالطريق السابرة كما فعله السيد -أبقاه الله- على تقدير أن العلة حاصلة بما ذكر، لا بإيماء الشارع ونصه في جزئيات الصور التي تقدم شيء منها، فالسبر أمر نازل عن التنقيح معدود من أدنى مراتب الثلاثة كما ذكرناه؛ وبهذا يعرف أنه لا تنقيح ولا تخريج.
أما التنقيح فلما مر، وأما التخريج فاستعمال إحدى طرقه وهو السبر مثلا إنما يكون لو فرضنا أوصافا كثيرة محصورة تصلح عللا، بعد تحقق أنه لا علة منصوصة للشارع أو مومأ إليها، فيفرض مثلا أن الخبيث واحد منها غير متعين للعلية فنسبرها، وثبت أحدها إما الخبث أو غيره[76أ]فأين هذا من ذاك. وبما سبق تعرف عدم صدق التنقيح على ما ذكره السيد رعاه الله.
وأما أن هذا ليس من تحقيق المناط بالمعنى الذي عرفته، وهو البرهنة على وجود العلة في الفرع بعد ثبوتها في نفسها في أصل معين، كما نقله السيد عن شرح الغاية من التمثيل بالخمر والنبيذ؛ فظهوره بحيث لا يخفى على مثل السيد، وقد عرفت الفرق بين ما لو قال الشارع حرمت الخمرة لإسكاره، وبين ما لو قال حرمت المسكر من منع إفادة الصيغة في الأول للعموم عندنا، بخلاف الثاني فيعم بالصيغة كما علم.
فإن أراد السيد بقوله: (واستعمل المستدل تحقيق المناط...إلخ) بيان ماهية الخبث أو لا تم ثبوته في الصورة المذكورة كما هو صريح كلامه، فأين هذا من تحقيق المناط الذي عرفت معناه، وأين التنقيح والتحقيق في أوصاف عينها الشارع، وأومأ إليها، واعتبرها في صورها التي ذكرنا شيئا منها في ديباجة البحث.
وحاصل ما ذكرناه منع ما ذكره السيد أيده الله مسندا بما لا يمكن دفعه، وكأنه أخذ من كلام شارح الغاية عليه السلام حيث قال بعد معرفتها في نفسها: (إن معرفة العلة في نفسها كاف ولو ذكرت متجردة عن متعلق لها محرم لأجلها) وليس كذلك، بل مراده ما صرح به في المثال المذكور أولا على أن قوله بعد تعيينها في نفسها، مناف لكلام السيد الذي بنى عليه البحث؛ لأنها عنده غير متعينة بنفسها، بل بتعيينه الذي قال: إنه تنقيح للمناط وتحقيق له.
مخ ۳۰۷