لو عمره عد والتأليف منه أتى...لكل يوم كما قالوا بكراس وقال يوسف بن كنج الشافعي: إنه لا ينبغي أن يفتى في مذهب الشافعي بحضرة السيد المؤيد بالله والقصة مشهورة، وفي التحقيق أن الزيدية منتسبون إلى علي بن أبي طالب وسبطيه وأمهما لإجماعهم على أن الحق معهم، وإن انتسبوا إلى زيد بن علي - عليه السلام -، فما ذاك إلا لأنها وقعت فترة بعد قتل الحسين - عليه السلام - كادت تنسى أشهر صفات أهل البيت - عليهم السلام - وهي الجهاد، فقام زيد بسنة آبائه، فانتسب من وراؤه إليه لهذه الخصيصة، كما قال الإمام المهدي محمد بن عبد الله النفس الزكية: [فتح لنا والله زيد بن علي باب الجنة، وقال: ادخلوها بسلام آمنين] (1)، فلولا هذه لكان انتساب هذه العصابة إلى علي بن أبي طالب أولى، فإنه لا يستجيز زيد بن علي - عليه السلام - ولا غيره مخالفته، ولذلك ترى مجموعيه(2) /13/ منتسبين إلى علي - كرم الله وجهه -، وإن اختلف أهل البيت، فكما اختلف الفقهاء عن أئمتهم، بل اختلفت الأمة بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في التحليل والتحريم، فكما أن ذلك الخلاف لا يخرج الأمة عن كونها أمة، ولا الشافعي عن كونه شافعيا بمخالفته لإمامه، لوجه، كذلك هؤلاء، فإن الاختلاف منشؤه قواعد أصولية في ترجيح القول الأول لقوة دليله، كما قال قوم، والآخر لكونه ناسخا كما قال آخرون، ولا شك أن زيد بن علي بعد سلفه شمس العترة المضية آتاه الله مالم يؤت غيره، فهو كما قال الذهبي: جبل من علم، وكما قال هو في نفسه - عليه السلام - فيما رواه سهيل بن سليمان الرازي، عن أبيه، قال: شهدت زيد بن علي - عليه السلام - يوم خرج لمحاربة القوم، فلم أر يوما كان أبهى، ولا رجالا أكثر قراء ولا فقها ولا أوفر سلاحا من أصحاب زيد (بن علي)(1) - عليه السلام -، فخرج على بغلة شهباء وعليه عمامة سوداء، وبين يدي قربوس سرجه مصحف، فقال: (أيها الناس، أعينوني على أنباط الشام، فوالله لا يعينني عليهم أحد إلا رجوت أن يأتي يوم القيامة آمنا حتى يجوز على الصراط، ويدخل الجنة، فوالله ما وقفت هذا الموقف حتى علمت التأويل والتنزيل والمحكم والمتشابه والحلال والحرام بين الدفتين.. وقال: نحن ولاة أمر الله، وخزان علم الله، وورثة وحي الله، وعترة نبي الله، وشيعتنا رعاة الشمس والقمر)). قال الناصر للحق - عليه السلام -: معنى رعاة الشمس والقمر: (2) المحافظة على الصلاة. انتهى.
ومقام زيد (بن علي)(3) غني عن الإطناب والإكثار، وقد بسط العلماء في مصنفاتهم القول في الثناء عليه بإجماع منهم، ولو كتب ما في تأريخ الإسلام للذهبي من ذكره لخرج في مجلد.
قال في (هداية الراغبين): وفي بعض كلام الباقر دليل عظيم على علم زيد - عليهما السلام - فإن الباقر إنما سمي بهذا الاسم لتبقره في العلم، والتبقر: التوسع، فإذا اعترف الباقر لزيد بالسيادة فقد اعترف له بالزيادة(4).
قلت: يعني بقول الباقر هذا قوله فيه: (هذا والله سيد بني هاشم)، وقوله لأبي خالد وأبي حمزة: (يا أبا خالد ويا أبا حمزة، إن زيدا أعطي من العلم علينا بسطة). انتهى
مخ ۲۷