الخصيصة الأولى: أن أهل البيت - عليهم السلام - اختصوا من هذه الفضائل بأشرف أقسامها وأطول أعلامها، وذلك لأنهم كانوا على ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين من الاشتغال بجهاد أعداء الله، وبذل النفوس في مرضاة الله، مع الإعراض عن زهرة الدنيا، وترك المتشابهات(1)، والاقتصاد في المأكول والملبوس، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والقيام بالفرائض والنوافل في أفضل أوقاتها على أتم هيئاتها، وتلاوة القرآن العظيم، والتهجد آناء الليل والنهار، والتحري والخوف من الله تعالى، والدعاء إلى الله - عز وجل - بالحكمة والموعظة الحسنة، وبذل النصيحة للناس، وتعليمهم معالم الهدى، والاقتصار في العلم على ما اقتصر عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- ،(2) وعلى ما اقتصر عليه أصحابه المشهود لهم في كتاب الله تعالى بأنهم خير أمة أخرجت للناس، وعلى ما اقتصر عليه التابعون الذين شهد لهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بأنهم من خير القرون(3)، فإن جميع هؤلاء ما تشاغلوا بالإكثار من التواليف والتفاريع وجمع الحديث الكثير، وقد قال العلماء - رضي الله عنهم -: إن طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم، والإفضل للمسلمين الاقتداء بالسلف، فإنهم كانوا على طريقة قد رآهم عليها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فأقرهم عليها، والله ما يعدل السلامة شيء.
مخ ۲۲