... فهذا مما يقطع به السامع له بمراد المتكلم، فإذا أخبر عن مراده بما دل عليه حقيقة لفظه الذي وضع له مع القرائن المؤكدة، كان صادقا في إخباره.
وأما إذا تأول الكلام بما لا يدل عليه ولا اقترن به ما يدل عليه، فإخباره بأن هذا مراده كذب عليه، وهو تأويل بالرأي، وتوهم بالهوى " (¬1).
المبحث الثاني
أدلة وقوع الاجتهاد في فروع الاعتقاد وأقوال العلماء فيه
وإذا كان العلماء قد أقروا بالاجتهاد كما بينا في المطلب السابق في فروع الاعتقاد دون الأصول من حيث التصور فإن الاجتهاد والاختلاف قد وقعا بين الصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء، وسأورد بعض الأمثلة في فروع الاعتقاد الثلاثة في الإلهيات والنبوات والسمعيات.
أولا: الإلهيات:
1-الاجتهاد في رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - لله عز وجل في معراجه إلى السماء: فقد حكى القاضي عياض في كتابه "الشفا" اختلاف الصحابة ومن بعدهم في رؤيته - صلى الله عليه وسلم - ، وإنكار عائشة رضي الله عنها أن يكون - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه بعين رأسه، وإنها قالت لمسروق حين سألها: هل رأى محمد ربه؟ فقالت: لقد قف شعري مما قلت، ثم قالت: من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب(¬2).
ثم قال: وقال جماعة بقول عائشة رضي الله عنها، وهو المشهور عن ابن مسعود وأبي هريرة واختلف عنه، وقال بإنكار هذا وامتناع رؤيته في الدنيا جماعة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين.
مخ ۲۰