( قوله فكل هذا أصله متحد) الإشارة إلى المذكور هنا من الأقوال وعلى أن أصلها واحد وهو خفاء معناها على العباد سواء خفي خفاء ضعيفا كالذي يدرك بالقرينة الضعيفة ويكون التأويل فيه قريبا أو خفي خفاء قويا كالذي يحتاج في تأويله للدليل القوي، أو خفاء لا يدرك معناه كالذي يتعذر تأويله إلا بتوقيف، وذلك هو الذي استأثر الله بعلمه كمقادير الثواب ونحوها (قوله وجعله أشياء الخ) أي وجعل المذكور أشياء بمعنى أقاويل متعددة مختلفة المعنى غير محمود لأن الخلاف فيه لفظي، ألا ترى أن أهل كل قول من تلك الأقوال أشاروا إلى أن المتشابه هو ما خفي معناه فيؤخذ من مجموع الأقوال أن كل ما خفي معناه فهو متشابه.
(قوله ومنه أحرف أوائل السور) هذا القول منسوب لابن عباس([26]) رضي الله عنه ونسب إليه أيضا أن المحكم هو الثلاث الآيات التي في آخر سورة الأنعام ((قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم))([27]) إلى آخر الآيات واستخرج منه الفخر أن المحكم هو ما لا ينسخ بشرع وشرع كالأمر بالقسط، وتحريم الظلم، وقتل النفس بغير حق والمتشابه: هو ما ينسخ بشرع وشرع كالصلاة والصوم.
(واعلم) أن القول بأن الحروف الواقعة أوائل السور كالم وطس وق هي المتشابه راجع إلى علة الخفاء فتعريفنا شامل له أيضا إلا أن يقال إن صاحب هذا القول معه أن ما عدا تلك الأحرف محكم فيرد بأن هذا مخالف لمفهوم قوله تعالى ((منه آيات محكمات))([28]) فإن من فيها للتبعيض كما تقدم ومفهوم البعض هو أن يكون أقل من الباقي وهو المتبادر وإن أطلق على الأكثر في مواضع.
مخ ۷۱