(وبالجملة) فليس هنا دليل قاطع على ثبوت العصمة لجميع أشخاصهم حتى يكفر من خالفه لكن الراجح أن العموم مستغرق لأفراده حتى يخصص ولا مخصص هنا (قوله أفضلهم جبريل) أي أكثرهم فضلا عند الله عز وجل وهو الملك جبريل، قيل ومعناه بالعربية هو عبدالله، والدليل على أفضليته أنه هو الرسول من الله إلى أنبيائه والرسول أفضل ممن لم يرسل لاصطفاء الرسول على غيره وهو مشاهد للواقع التي أذن الله له أن يشهدها والمجاهد أفضل من غيره لقوله تعالى ((فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة))([37]) (فإن قيل) إن غيره من الملائكة أرسل وشهد أيضا (قلنا) إرساله وجهاده أكثر من إرساله غيره وجهاده، ومن كان أكثر خصالا في الخير كان أفضل عند الله تعالى (قوله والذي زعم) أي قال بتفضيل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قد غشم حيث دخل مدخلا ليس له أن يدخله بلا تثبت في أمره، والإشارة إلى الزمخشري([38]) مستدلا بأن الله عز وجل وصف جبريل بقوله ((إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين))([39]) ووصف محمدا بقوله ((وما صاحبكم بمجنون))([40]) فاقتصر على نفي الجنة عنه وأطال في وصف جبريل بما سمعت.
(قلنا) ليس في تطويل الصفات وتقصيرها ما يدل على تفضيل وغيره وإنما ذلك شيء اقتضاه المقام فإن قريشا كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنه معلم مجنون فرد عليهم القرآن قولهم حيث نفى عنه الجنة (قوله على الحبيب) هو نبينا عليه الصلاة والسلام، وإنما سماه حبيبا لقوله صلى الله عليه وسلم ((اتخذ الله إبراهيم خليلا وموسى نجيبا واتخذني حبيبا ثم قال عزتي وجلالي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيبي))([41]).
مخ ۴۵