ونستعمل في أموره قياس الأولى والأحرى؛ وهو: أنه كل ما ثبت للمخلوق من صفة كمال؛ فهي للخالق بطريق الأولى والأحرى، وكل ما ينزه عنه المخلوق من صفة نقص؛ فتنزيه الخالق عنه / (¬1) أولى وأحرى؛ فله المثل الأعلى سبحانه وتعالى.
فلما جعل المشركون لله البنات ولهم ما يشتهون؛ قال تعالى: {ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون} (¬2)، وقال تعالى: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم • يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون • للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى} (¬3). ولما أنكروا المعاد قال: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض} (¬4)؛ فمثله أعلى من كل مثل.
وما من معلوم إلا وله في القلب مثل يطابقه مطابقة العلم للمعلوم، ومطابقة اللفظ للعلم، ومطابقة الخط للفظ.
وهو في نفسه الأعلى، ومثله الأعلى عند أهل السماوات وأهل الأرض.
والمخلوق الذي له مثل في القلب إذا كانت الإعادة عليه أهون من الابتداء؛ فالخالق الذي له المثل الأعلى أولى بذلك. فهذا إثبات القدرة له على ذلك بطريق الأولى. وإذا كان المخلوق يكره أن يكون له أنثى لما فيها من النقص؛ فالخالق سبحانه وله المثل الأعلى أحق بأن ينزهه العبد عن إضافة ذلك إليه. فهذا تنزيه بطريق الأولى.
مخ ۴۴